للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالِثِ في الرَّميِ لِليومِ الثاني خِلاف حُكمِ اليومِ الرابِعِ، ففي ذلك دَليلٌ على أنَّ من ترَك رَميَ جَمرةِ العَقَبةِ في يومِ النَّحرِ فذكَرها في شيءٍ من أيامِ التَّشريقِ أنَّه رَمى ولا شيءَ عليه.

ثم النَّظرُ في ذلك يَشهدُ لهذا القولِ أيضًا، وذلك أنَّا رَأينا أشياءَ تُفعلُ في الحَجِّ يَكونُ الدَّهرُ كلُّه وقتًا لها، منها السَّعيُ بينَ الصَّفا والمَروةِ وطَوافُ الصَّدرِ، ومنها أشياءُ تُفعلُ في وقتٍ خاصٍّ، هو وقتُها خاصَّةً، منها رَميُ الجِمارِ، فكان ما الدَّهرُ وقتٌ له من هذه الأشياءِ متى فُعل فلا شيءَ على فاعلِه مع فِعلِه إياه من دَمٍ ولا غيرِه، وما كان منها له وقتٌ خاصٌّ من الدَّهرِ إذا لم يُفعلْ في وقتِه وجَب على تاركِه الدَّمُ، فكان ما كان منها يُفعلُ لبَقاءِ وقتِه، فلا شيءَ على فاعلِه غيرُ فِعلِه إياه، وما كان منها لا يُفعلُ لعَدمِ وقتِه وجَب مَكانَه الدَّمُ، وكانت جَمرةُ العَقَبةِ إذا رُميَت من غَدِ يومِ النَّحرِ قَضاءً عن رَميِ يومِ النَّحرِ فقد رُميَت في يَومٍ هو مِنْ وقتِها، ولَولا ذلك لَما أُمرَ برَميِها، كما لا يُؤمَرُ تارِكُها إلا بعدَ انقِضاءِ أيامِ التَّشريقِ برَميِها بعدَ ذلك، فلمَّا كان اليومُ الثاني من أيامِ النَّحرِ هو وقتًا لها، وقد ذكَرنا ممَّا قد أجمَعوا عليه أنَّ ما فُعل في وقتِه من أُمورِ الحَجِّ لا شيءَ على فاعلِه، وكان كذلك هذا الرامي لها لمَّا رَماها في وقتِها فلا شيءَ عليه.

فإنْ قال قائلٌ: إنَّما أوجَبْنا عليه الدَّمَ بتَركِه رَميَها يومَ النَّحرِ، وفي اللَّيلةِ التي بعدَه لِلإساءةِ التي كانت منه في ذلك.

قيلَ له: فقد رَأينا تارِكَ طَوافِ الصَّدرِ حتى يَرجعَ إلى أهلِه، وتارِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>