للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّما أُبيحَ الدَّفعُ بعدَ نصفِ اللَّيلِ بما ورَد من الرُّخصةِ فيه، رَوى ابنُ عَباسٍ: «كُنْتُ فيمَن قدَّم رَسولُ اللَّهِ في ضَعَفةِ أهلِه من مُزدَلفةَ إلى منًى» (١)، ولِما رَوى عبدُ اللَّهِ مَولى أسماءَ عن أسماءَ: «أنَّها نزَلت لَيلةَ جَمعٍ عندَ المُزدَلفةِ فقامَت تُصَلِّي فصَلَّت ساعةً ثم قالت: يا بُنيَّ هل غابَ القَمرُ؟ قلتُ: لا. فصَلَّت ساعةً، ثم قالت: هل غابَ القَمرُ؟ قلتُ: نَعمْ. قالت: فارتَحِلوا. فارتَحلْنا ومضَينا حتى رَمتِ الجَمرةَ ثم رجَعت فصلَّت الصُّبحَ في مَنزِلها، فقلتُ لها: يا هَنتاهُ ما أُرانا إلا قَدْ غلَّسنا، قالت: يا بُنيَّ إنَّ رَسولَ اللَّهِ أذِن للظُّعُنِ» (٢) متَّفقٌ عليهما.

وعَن عائشةَ قالت: «أرسَل النَّبيُّ بأمِّ سَلمةَ لَيلةَ النَّحرِ فرَمتِ الجَمرةَ قبلَ الفجرِ ثم مضَت فأفاضَت» (٣).

قال ابنُ قُدامةَ : فمَن دفَع من جَمعٍ قبلَ نصفِ اللَّيلِ ولم يَعدْ في اللَّيلِ فعليه دَمٌ، فإنْ عادَ فلا دَمَ عليه كالذي دفَع من عَرفةَ نَهارًا، ومَن لم يُوافِقْ مُزدَلفةَ إلا في النصفِ الأخيرِ من اللَّيلِ فلا شيءَ عليه؛ لأنَّه لم يُدرِكْ جُزءًا من النصفِ الأولِ، فلم يَتعلَّقْ به حُكمُه، كمَن أدرَك اللَّيلَ بعَرفاتٍ دونَ النَّهارِ، والمُستحبُّ الاقتِداءُ برَسولِ اللهِ في المَبيتِ إلى أنْ يُصبِحَ ثم يَقفَ حتى يُسفرَ.


(١) رواه البخاري (١٦٧٨)، ومسلم (١٢٩٣).
(٢) رواه البخاري (١٥٩٥)، ومسلم (١٢٩١).
(٣) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه أبو داود (١٩٤٢)، والدار قطني (٢/ ٢٧٦)، والحاكم (١/ ٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>