للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بَأسَ بتَقديمِ الضَّعَفةِ والنِّساءِ، وممَّن كان يُقدِّمُ ضَعَفةَ أهلِه: عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ وعائشةُ، وبه قال عَطاءٌ والثَّوريُّ والشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وأصحابُ الرَّأيِ، ولا نَعلمُ فيه مُخالِفًا، ولأنَّ فيه رِفقًا بهم ودَفعًا لمَشقَّةِ الزِّحامِ عنهم واقتِداءً بفِعلِ نَبيِّهم (١).

وقال الإمامُ النَّوويُّ : السُّنةُ عندَنا أنْ يَبقى بمُزدَلفةَ حتى يَطلُعَ الفَجرُ إلا الضَّعَفةَ، فيُستحبُّ لهم الدَّفعُ قبلَ الفجرِ، فإنْ دفَع غيرُ الضَّعَفةِ قبلَ الفجرِ بعدَ نصفِ اللَّيلِ جازَ ولا دَمٌ، هذا مَذهبُنا وبه قال مالكٌ وأحمدُ.

وقال أبو حَنيفةَ: لا يَجوزُ الدَّفعُ قبلَ طُلوعِ الفجرِ، فإنْ دفَع قبلَ الفجرِ لزِمه دَمٌ (٢).

وذهَب الحَنفيةُ إلى أنَّ وقتَه وزَمانَه ما بينَ طُلوعِ الفجرِ يومَ النَّحرِ وطُلوعِ الشَّمسِ، فمَن حصَّل بمُزدَلفةَ في هذا الوقتِ فقد أدرَك الوُقوفَ، سَواءٌ باتَ بها أو لا، ومَن لم يُحصِّلْ بها فيه فقد فاتَه الوُقوفُ الواجبُ بالمُزدَلفةِ وعليه دَمٌ، إلا إنْ ترَكه لعُذرٍ، كزِحامٍ، فلا شيءَ عليه.

واتَّفَقوا على أنَّ الحاجَّ يَجمعُ بينَ المَغربِ والعِشاءِ في المُزدَلفةِ جَمعَ تَأخيرٍ، وهذا الجَمعُ سُنةٌ عندَ الجُمهورِ واجبٌ عندَ أبي حَنيفةَ (٣).


(١) «المغني» (٥/ ٣٣، ٣٤).
(٢) «المجموع» (٨/ ١٣١).
(٣) «بدائع الصنائع» (٣/ ٨١، ٨٣)، و «الهداية» (٢/ ٦٨، ١٧٣)، و «عمدة القاري» (١٠/ ١٧)، و «المسلك المتسقط» ص (١٤٣، ١٤٨)، و «رد المحتار» (٢/ ٥١٤)، و «شرح الرسالة مع حاشية العدوي» (١/ ٤٧٥)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٨)، و «الشرح الصغير (٢/ ٣٦، ٣٧)، و «مختصر اختلَف العلماء» للطحاوي (٢/ ١٤٨)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ١٧٧)، و «الإفصاح» (١/ ٥٣٦)، و «المجموع» (٨/ ١١٥، ١٣٠)، و «مغني المحتاج» (١/ ٤٩٨)، و «شرح العمدة» (٣/ ٦١١)، وما بعدَها، و «المغني» (٥/ ٢٦، ٣٣)، و «الإنصاف» (٤/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>