للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخَرُ أنَّه سُنةٌ لا إثمَ في تَركِه ولا يَجبُ فيه دَمٌ، ولكنْ يُستحبُّ.

وقال جَماعةٌ من أصحابِنا: هو رُكنٌ لا يَصحُّ الحَجُّ إلا به، كالوُقوفِ بعَرفاتٍ، قاله من أصحابِنا ابنُ بنتِ الشافِعيِّ وأبو بَكرٍ مُحمدُ بنُ إسحاقَ بنِ خُزَيمةَ، وقاله خَمسةٌ من أئمَّةِ التابِعينَ، وهُم عَلقَمةُ والأسوَدُ والشَّعبيُّ والنَّخعيُّ والحَسنُ البَصريُّ، واللهُ أعلمُ (١).

ثم اختلَفوا في مِقدارِه ووقتِه:

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ زَمنَ الوُقوفِ الواجبِ هو المُكثُ بالمُزدَلفةِ من اللَّيلِ، ثم اختلَف أصحابُ هذا الرَّأيِ:

فذهَب المالِكيةُ إلى أنَّ النُّزولَ بالمُزدَلفةِ قَدرَ حطِّ الرِّحالِ في لَيلةِ النَّحرِ واجبٌ، والمَبيتَ بها سُنةٌ، فلو مرَّ بها، ولم يَنزِلْ وجَب عليه دَمٌ.

وذهَب الشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّه يَجبُ الوُجودُ بمُزدَلفةَ بعدَ نصفِ اللَّيلِ، ولو ساعةً لطيفةً: أي فَترةً من الزَّمنِ ولو قَصيرةً.

فلو دفَع قبلَ نصفِ اللَّيلِ ولم يَعدْ إليها فقد ترَك المَبيتَ، ولو عادَ قبلَ طُلوعِ الفجرِ أجزَأه المَبيتُ ولا شيءَ عليه.

قال ابنُ قُدامةَ : لأنَّ النَّبيَّ باتَ بها وقال: «خُذوا عنِّي مَناسكَكم» (٢).


(١) «شرح مسلم» (٨/ ١١٥)، و «المجموع» (٨/ ١١٥، ١٣٠).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>