في رُكنِ الحَجِّ، فأشبَهَ ما لو وقَف بعَرفةَ نَهارًا، ودفَع قبلَ غُروبِ الشَّمسِ.
والثالِثةُ: يُجزِئُه، ولا شيءَ عليه، اختارَها أبو بَكرٍ، وهي مَذهبُ الشافِعيِّ، وابنِ المُنذرِ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ طافَ راكِبًا.
قال ابنُ المُنذرِ: لا قولَ لأحَدٍ مع فِعلِ النَّبيِّ ﷺ، ولأنَّ اللهَ تَعالى أمَر بالطَّوافِ مُطلقًا، فكَيفَما أتى به أجزَأه، ولا يَجوزُ تَقييدُ المُطلقِ بغيرِ دَليلٍ.
ولا خِلافَ في أنَّ الطَّوافَ راجِلًا -أي: ماشيًا على رِجلَيه- أفضلُ؛ لأنَّ أصحابَ النَّبيِّ ﷺ طافوا مَشيًا، والنَّبيَّ ﷺ في غيرِ حَجةِ الوداعِ طافَ مَشيًا، وفي قولِ أُمِّ سَلمةَ: «شَكوتُ إلى النَّبيِّ ﷺ أنِّي أشتَكي، فقال: طُوفي من وَراءِ الناسِ، وأنتِ راكِبةٌ» (١)، دَليلٌ على أنَّ الطَّوافَ إنَّما يَكونُ مَشيًا، وإنَّما طافَ النَّبيُّ ﷺ راكِبًا لعُذرٍ، فإنَّ ابنَ عَباسٍ رَوى «أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ كثُر عليه الناسُ يَقولونَ: هذا مُحمدٌ، هذا مُحمدٌ، حتى خرَج العَواتقُ من البُيوتِ، وكانَ رَسولُ اللهِ ﷺ لا يُضرَبُ الناسُ بينَ يَديْه، فلمَّا كثُروا عليه ركِب» رَواه مُسلمٌ.
وكذلك في حَديثِ جابرٍ، فإنَّ الناسَ غَشَوْه، ورُوي عن ابنِ عَباسٍ، «أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ طافَ راكِبًا؛ لشَكاةٍ بهِ».
(١) رواه البخاري (١٥٥٢)، ومسلم (١٢٧٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute