للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ قُدامةَ : ومَن طافَ وسعَى مَحمولًا لعِلةٍ، أجزَأه، لا نَعلمُ بينَ أهلِ العِلمِ خِلافًا في صِحةِ طَوافِ الراكِبِ إذا كان له عُذرٌ، فإنَّ ابنَ عَباسٍ رَوى، «أنَّ النَّبيَّ طافَ في حَجةِ الوَداعِ على بَعيرٍ، يَستلِمُ الرُّكنَ بمِحجَنٍ» (١). وعَن أُمِّ سَلمةَ، قالت: «شَكَوتُ إلى رَسولِ اللهِ أنِّي أشتَكي، فقال: طُوفي من وَراءِ الناسِ، وأنتِ راكِبةٌ» (٢) متَّفقٌ عليهما.

وقال جابرٌ: «طافَ النَّبيُّ على راحِلتِه، بالبَيتِ، وبينَ الصَّفا والمَروةِ، ليَراه الناسُ، وليُشرِفَ عليهم، ليَسألوه، فإنَّ الناسَ غَشوهُ» (٣)، والمَحمولُ كالراكِبِ فيما ذكَرناه.

فَصلٌ: فأمَّا الطَّوافُ راكِبًا أو مَحمولًا لغيرِ عُذرٍ، فمَفهومُ كَلامِ الخِرقيِّ أنَّه لا يُجزِئُ، وهو إحدى الرِّواياتِ عن أحمدَ؛ لأنَّ النَّبيَّ قال: «الطَّوافُ بالبَيتِ صَلاةٌ» (٤)، ولأنَّها عِبادةٌ تَتعلَّقُ بالبَيتِ، فلم يَجزْ فِعلُها راكِبًا لغيرِ عُذرٍ، كالصَّلاةِ.

والثانيةُ: يُجزِئُه، ويَجبُرُه بدَمٍ، وهو قولُ مالكٍ، وبه قال أبو حَنيفةَ، إلا أنَّه قال: يُعيدُ ما كان بمكةَ، فإنْ رجَع جبَره بدَمٍ؛ لأنَّه ترَك صِفةً واجبةً


(١) رواه البخاري (١٥٣٠)، ومسلم (١٢٧٢).
(٢) رواه البخاري (١٥٥٢)، ومسلم (١٢٧٦).
(٣) رواه مسلم (١٢٧٣).
(٤) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه الدارمي (١٨٤٧)، والنسائي (٢٩٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>