للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يَعتذِرُ من منَع الطَّوافَ راكِبًا عن طَوافِ النَّبيِّ ، والحَديثُ الأولُ أثبَتُ.

فعلى هذا يَكونُ كَثرةُ الناسِ، وشِدةُ الزِّحامِ عُذرًا، ويُحتمَلُ أنْ يَكونَ النَّبيُّ قصَد تَعليمَ الناسِ مَناسكَهم، فلم يَتمكَّنْ منه إلا بالرُّكوبِ، واللهُ أعلمُ.

ثمَّ قالَ: فَصلٌ: إذا طافَ راكِبًا، أو مَحمولًا، فلا رَمَلَ عليه.

وقال القاضي: يَخِبُّ به بَعيرُه، والأولُ أصَحُّ؛ لأنَّ النَّبيَّ لم يَفعلْه، ولا أمَر به، ولأنَّ مَعنى الرَّمَلِ لا يَتحقَّقُ فيه.

فَصلٌ: فأمَّا السَّعيُ راكِبًا، فيُجزِئُه لعُذرٍ ولغيرِ عُذرٍ؛ لأنَّ المَعنى الذي منَع الطَّوافَ راكِبًا غيرُ مَوجودٍ فيه (١).

وقال ابنُ عبدِ البرِّ : أمَّا مَنْ صلَّى وهو صَحيحٌ قادِرٌ على القيامِ جالِسًا فصَلاتُه باطِلةٌ بإجماعٍ من العُلماءِ، إذا كان إمامًا أو مُنفرِدًا، فكيف يُقاسُ على هذا الأصلِ ما فرَّقت السُّنةُ بينَهما بما ذكَرنا من حَديثِ ابنِ عَباسٍ وغيرِه أنَّ رَسولَ اللهِ طافَ على راحِلتِه ولم يَقلْ: إنَّ طَوافي ذلك لعُذرٍ ولا نقَل ذلك من يُوثَقُ بنَقلِه ومَعلومٌ أنَّ التَّأسِّيَ به مُباحٌ أو واجبٌ، حتى يَتبيَّنَ أنَّه له خُصوصٌ بما لا دَفعَ فيه من الخَبرِ اللَّازِمِ (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٥٩٢، ٥٩٤).
(٢) «الاستذكار» (٤/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>