للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧] أي وقتُ الحَجِّ أشهُرٌ مَعلوماتٌ، وعلى هذا صارَتِ الآيةُ الشَّريفةُ حُجةً لنا؛ لأنَّ الله تَعالى أوجَب على المُتمتِّعِ صيامَ ثَلاثةِ أيامٍ في وقتِ الحَجِّ، وهو أشهُرُ الحَجِّ، وقد صامَ في أشهُرِ الحَجِّ فجازَ، إلا أنَّ زَمانَ ما قبلَ الإحرامِ صارَ مَخصوصًا من النصِّ (١).

وأما تَقديمُ الصَّومِ على إحرامِ العُمرةِ فلا يَجوزُ اتِّفاقًا.

قال ابنُ قُدامةَ : لا نَعلمُ قائلًا بجوازِه؛ لعَدمِ وُجودِ السَّببِ (٢).

وقد اختلَفوا أيضًا فيما إذا فاتَه الصَّومُ حتى أتى يومُ النَّحرِ هل يَجوزُ له أنْ يَصومَها في أيامِ منًى أو لا؟

أما يومُ النَّحرِ، فقال ابنُ عبدِ البرِّ : أجمَعوا على أنَّه لا يَجوزُ له ولا لغيرِه صيامُ يومِ النَّحرِ (٣).

فذهَب المالِكيةُ والشافِعيُّ في القَديمِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَصومُ أيامَ منًى إذا كان قَدْ فرَّطَ فلم يَصمْها قبلَ يومِ النَّحرِ، لِما رَوى ابنُ عُمرَ وعائشةُ قالا: «لم يُرخَّصْ في أيامِ التَّشريقِ أنْ يُصَمنَ إلا لمن لم يَجد الهَديَ» (٤) وهذا يَنصَرفُ إلى تَرخيصِ النَّبيِّ ، ولأنَّ اللهَ تَعالى أمَر بصيامِ الثَّلاثةِ في الحَجِّ، ولم يَبقَ من أيامِ الحَجِّ إلا هذه


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٤).
(٢) «المغني» (٥/ ١٠٩).
(٣) «الاستذكار» (٤/ ٤١٤).
(٤) رواه البخاري (١٦٩١، ١٦٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>