للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأيامُ، فيَتعيَّنُ الصَّومُ فيها، فإذا صامَ هذه الأيامَ فحُكمُه حُكمُ من صامَ قبلَ يومِ النَّحرِ (١).

وذهَب الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يَصومُ أيامَ منًى، وإنَّما يَصومُها بعدَ أيامِ التَّشريقِ؛ لأنَّ النَّبيَّ قال: «أيامُ منًى أيامُ أكلٍ وشُربٍ» (٢)، ولأنَّه لا يَجوزُ فيها صَومُ النَّفلِ، فلا يَصومُها عن الهَديِ كيومِ النَّحرِ، فعلى هذا يَصومُ بعدَ ذلك عَشرةَ أيامٍ، والأظهرُ عندَ الشافِعيةِ أنْ يُفرَّقَ في قَضائها بينَها وبينَ السَّبعةِ بقَدرِ أربَعةِ أيامٍ (يومِ النَّحرِ وأيامِ التَّشريقِ) ومُدةِ إمكانِ السَّيرِ إلى أهلِه، السَّيرِ المُعتادِ.

ولا يَجبُ عليه دَمٌ عندَ الشافِعيةِ، واختلَفت الرِّوايةُ عن أحمدَ في وُجوبِ الدَّمِ عليه، فعنه: عليه دَمٌ؛ لأنَّه أخَّر الواجبَ من مَناسكِ الحَجِّ عن وقتِه، فلزِمه دَمٌ كرَميِ الجِمارِ، ولا فرقَ بينَ المُؤخِّرِ لعُذرٍ والمُؤخِّرِ لغيرِ عُذرٍ، وقال القاضي: إنْ أخَّر لعُذرٍ ليسَ عليه إلا قَضاؤُهُ؛ لأنَّ الدَّمَ الذي هو المُبدَلُ لو أخَّره لعُذرٍ فلا دَمَ عليه لتَأخيرِه، فالبَدلُ أوْلى.

ورُوي عن أحمدَ: لا يَلزمُه مع الصَّومِ دَمٌ بحالٍ، وهذا اختيارُ أبي


(١) «الاستذكار» (٤/ ٤١٤)، والكافي (١/ ١٤٩)، و «التمهيد» (٨/ ٣٤٤)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٤٣٣)، و «الذخيرة» (٣٥٧٣)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٣٩٩)، و «القوانين الفقهية» (١/ ٩٤)، و «المهذب» (١/ ١٩٩)، و «المجموع» (٧/ ١٥٨)، و «المغني» (٥/ ١١٠)، و «الإنصاف» (٣/ ٥١٢)، و «مغني المحتاج» (١/ ٥١٧).
(٢) رواه مسلم (١١٤١، ١١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>