ولأنَّه على أصلِ الشافِعيِّ دَمُ كَفارةٍ وجَب جَبرًا للنَّقصِ، وما لم يُحرِمْ بالحَجِّ لا يَظهرِ النَّقصُ.
وذهَب الحَنفيةُ والحَنابلةُ إلى جوازِ تَقديمِ الثَّلاثةِ على الإحرامِ بالحَجِّ بعدَ الإحرامِ بالعُمرةِ، سَواءٌ طافَ لِعُمرتِه أو لم يَطفْ، وفي رِوايةٍ عن الإمامِ أحمدَ إذا أحلَّ من العُمرةِ.
والدَّليلُ على ذلك أنَّ إحرامَ العُمرةِ أحدُ إحرامَيِ التَّمتُّعِ، فجازَ الصَّومُ بعدَه كإحرامِ الحَجِّ.
قال الكاسانيُّ ﵀: لأنَّ الإحرامَ بالعُمرةِ سَببٌ لوُجودِ الإحرامِ بالحَجةِ، فكانَ الصَّومُ تَعجيلًا بعدَ وُجودِ السَببِ فجازَ، وقبلَ وُجودِ العُمرةِ لم يوجَدِ السَببُ فلم يَجزْ، ولأنَّ السُّنةَ في المُتمتِّعِ أنْ يُحرِمَ بالحَجِّ عَشيَّةَ التَّرويةِ.
كذا رُوي أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ أمَر أصحابَه بذلك، وإذا كانت السُّنةُ في حقِّه الإحرامَ بالحَجِّ عَشيَّةَ التَّرويةِ لا يُمكِنُه صيامُ الأيامِ الثَّلاثةِ بعدَ ذلك، وإنَّما بقِي له يَومٌ واحِدٌ؛ لأنَّ أيامَ النَّحرِ والتَّشريقِ قَدْ نُهيَ عن الصِّيامِ فيها، فلا بدَّ من الحُكمِ بجوازِ الصَّومِ بعدَ إحرامِ العُمرةِ قبلَ الشُّروعِ في الحَجِّ.
وأمَّا الآيةُ فقَد قيلَ في تَأويلِها: إنَّ المُرادَ مِنها وقتُ الحَجِّ، وهو الصَّحيحُ، إذِ الحَجُّ لا يَصلُحُ ظَرفًا لِلصَّومِ، والوقتُ يَصلُحُ ظَرفًا له، فصارَ تَقديرُ الآيةِ الشَّريفةِ: فصيامُ ثَلاثةِ أيامٍ في وقتِ الحَجِّ، كما في قولِه تَعالى: