للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأحدِهما، والآخَرُ بالآخَرِ، ويَجوزُ عَدمُ الاستِقلالِ، وليس أحدُ الاحتِمالَينِ أوْلى من الآخَرِ، فيَسقطُ الاستِدلالُ، بل الراجِحُ الاستِقلالُ؛ لأنَّ الأصلَ عَدمُ التَّركيبِ (١).

وقال شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : وأمَّا حُبوطُ عَملِه بالرِّدةِ فقد منَع من ذلك بعضُ أصحابِنا، وقالوا: الآياتُ فيمَن ماتَ على الرِّدةِ، بدَليلِ قولِه تَعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢١٧].

والإطلاقُ في الآياتِ المُتبقِّيةِ لا يَمنعُ ذلك؛ لأنَّ كلَّ عُقوبةٍ مُرتَّبةٍ على كُفرٍ مَشروطةٌ بالمَوتِ عليه.

فإنْ قيلَ: التَّقييدُ في هذه الآيةِ بالمَوتِ على الكُفرِ إنَّما كان لأنَّه مُرتَّبٌ على شَيئَين، وهما حُبوطُ العَملِ والخُلودُ في النارِ: والخُلودُ إنَّما يَستحِقُّه الكافرُ، وتلك الآياتُ إنَّما ذُكر فيها الحُبوطُ فقط، فعُلم أنَّ مُجرَّدَ الرِّدةِ كافيةٌ.

قُلنا: قولُه: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة: ٥] وقولُه تَعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ لا يَكونُ إلا لِمن ماتَ مُرتدًّا؛ لأنَّ الخاسِرينَ الذينَ خَسِروا


(١) «الذخيرة» (٤/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>