للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - التَّقدُّمُ بالإحرامِ عن المَواقيتِ المَكانيَّةِ:

لا خِلافَ في أنَّ من أحرَم قبلَ الميقاتِ يَصيرُ مُحرِمًا، تَثبتُ في حقِّه أحكامُ الميقاتِ.

قال ابنُ المُنذرِ : أجمَع أهلُ العِلمِ على أنَّ من أحرَم قبلَ الميقاتِ مُحرِمٌ (١).

إلا أنَّهم اختلَفوا هل الأفضلُ الإحرامُ من الميقاتِ أو من أهلِه، أي: بَلدِه.

فذهَب الحَنفيةُ والشافِعيةُ في أحدِ القولَين عندَهُم إلى أنَّ الإحرامَ من بَلدِه أفضلُ إذا أمِن على نَفسِه مُخالفةَ أحكامِ الإحرامِ، لِما رَوت أمُّ سَلمةَ أنَّها سمِعت رَسولَ اللهِ ، يَقولُ: «مَنْ أهلَّ بحَجةٍ أو عُمرةٍ من المَسجدِ الأقصَى إلى المَسجدِ الحَرامِ غُفر له ما تَقدَّم من ذَنبِه وما تَأخَّر»، أو: «وجَبتْ له الجَنةُ» (٢)، «وقد أحرَم ابنُ عُمرَ من إيلَياءَ» (٣)، ولِما رَوى أبو داودَ والنَّسائيُّ عن الصُّبيِّ بنِ مَعبدٍ قال: «كُنْتُ رَجلًا أعرابيًّا نَصرانيًّا، فأسلَمتُ فأتَيتُ رَجلًا من عَشيرَتي، يُقال له هُذيمُ بنُ ثُرمُلةَ، فقلتُ لهُ: يا هَناه، إنِّي حَريصٌ على الجِهادِ، وإنِّي وَجَدتُ الحَجَّ والعُمرةَ مَكتوبَينِ علَيَّ، فكَيفَ لي بأنْ أجمعَهما؟ قال: اجمَعْهما واذبَحْ ما


(١) «الإجماع» (١٣٨).
(٢) حَديثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (١٧٤١)، والدارقطني (٢/ ٢٨٣).
(٣) رواه أبو مالك في «الموطأ» (٧٢٨)، والبيهقي (٢/ ٣٠)، وقال ابنُ المُنذرِ: ثبَت أنَّ ابنَ عُمرَ أهَلَّ من إِيلَياء يَعني بَيت المَقدِس. «طرح التثريب» (٥/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>