للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استَيسرَ من الهَديِ، فأهلَلتُ بهِما معًا، فلمَّا أتَيتُ العُذَيبَ لَقيَني سَلمانُ بنُ رَبيعةَ وزَيدُ بنُ صُوحانَ، وأنا أُهلُّ بهِما جميعًا، فقال أحدُهما لِلآخَرِ: ما هذا بأفقَهَ من بَعيرِه، قال: فكَأنَّما أُلقيَ علَيَّ جَبلٌ حتى أتَيتُ عُمرَ بنَ الخَطَّابِ، فقلتُ لهُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إنِّي كُنْتُ رَجلًا أعرابيًّا نَصرانيًّا، وإنِّي أسلَمتُ وأنا حَريصٌ على الجِهادِ، وإنِّي وجَدتُ الحَجَّ والعُمرةَ مَكتوبَينِ علَيَّ، فأتَيتُ رَجلًا من قَومي، فقال لي: اجمَعهُما واذبَحْ ما استَيسرَ من الهَديِ، وإنِّي أهلَلتُ بهِما معًا، فقال لي عُمرُ : هُديتَ لسُنةِ نَبيِّكَ » (١)، وهذا إحرامٌ به قبلَ الميقاتِ.

وورَد عن علِيٍّ في قولِ اللهِ تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]: إتمامُهما أنْ تُحرِمَ بهما من دُويرةِ أهلِك» (٢)، أي: تُنشئ السَّفرَ لهما من دُوَيرةِ أهلِك (٣).

وذهَب المالِكيةُ والحَنابلةُ والشافِعيةُ في الصَّحيحِ المُختارِ إلى أنَّ الأفضلَ الإحرامُ من الميقاتِ؛ لأنَّ النَّبيَّ حجَّ فأحرَم من الميقاتِ، ولم يحُجَّ إلا مَرةً واحِدةً، ولو كان الإحرامُ من مَنزِله أفضلَ لَبيَّنه


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (١٧٩٩)، والنسائي (٢٧١٩)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٤/ ٣٥٧).
(٢) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (٥/ ٣٠)، وابن أبي شيبة (٣/ ١٢٥)، والحاكم (٢/ ٣٠٣)، وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ على شَرطِ الشَّيخينِ، ولَم يُخرِّجاه، ووافَقه الذَّهبيُّ، وقال الألباني في «الضعيفة» (١/ ٣٧٦): ورجالُه ثقاتٌ.
(٣) «الاختيار» (١/ ١٨٠)، و «الإشراف» (١/ ٢٢٤)، و «المجموع» (٧/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>