للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب المالِكيةُ إلى أنَّ من يَمرُّ بميقاتَينِ الثاني منهُما ميقاتُه نُدِبَ له الإحرامُ من الأولِ، ولا يَجبُ عليه الإحرامُ مِنهُ؛ لأنَّ ميقاتَه أمامَه.

وذهَب الحَنفيةُ إلى أنَّ الأفضلَ له الإحرامُ من الأولِ، ويُكرهُ له تَأخيرُه إلى الثاني الأقرَبِ إلى مكةَ، ولم يُقيِّدوه -في الأصحِّ عندَهم- بأنْ يَكونَ الميقاتُ الثاني ميقاتًا له.

واستدلَّ المالِكيةُ والحَنفيةُ بعُمومِ التَّوقيتِ لِأهلِ المَناطقِ المَذكورةِ، وجوَّزوا الإحرامَ من أيِّ الميقاتَين، ويَدلَّ عليه ما ثبَت عن ابنِ عُمرَ أنَّه: «أهلَّ من الفُرعِ» (١).

وهو مَوضعٌ بينَ ذي الحُلَيفةِ ومكةَ، وابنُ عُمرَ هو راوي حَديثِ المَواقيتِ مرَّ بذي الحُلَيفةِ ميقاتِ أهلِ المَدينةِ، فلم يُحرِمْ مِنها، وأحرَم بعدَها من الفُرعِ.

وخَصَّ المالِكيةُ ذلك بغيرِ المَدنيِّ، ويَشهدُ لهم فِعلُ النَّبيِّ والصَّحابةِ، فإنَّهم أحرَموا من ذي الحُلَيفةِ، وهو مَحمولٌ عندَ الحَنفيةِ على فِعلِ الأفضَلِ (٢).


(١) رواه مالك في «الموطأ» (٧٢٧) بإسنادٍ صَحيحٍ.
(٢) «الموطأ» (١/ ٣٣١)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٢٢)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ٧٦)، و «الأم» (٢/ ١٤٠)، و «الاستذكار» (٤/ ٤٢)، و «المغني» (٤/ ٣٦٣، ٣٦٤)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>