للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نَفسِه؛ لأنَّه يُشترَطُ العَجزُ إلى المَوتِ؛ لأنَّ هذا بَدلُ إياسٍ، فإذا برَأ تَبيَّنَ أنَّه لم يَكنْ مَأيوسًا منه فلزِمه الأصلُ، كالآيِسةِ إذا اعتدَّت بالشُّهورِ، ثم حاضَت لا تُجزِئُها تلك العدَّةُ.

وذهَب الحَنابلةُ وإسحاقُ بنُ راهَويْهِ إلى أنَّه متى أحَجَّ عن نَفسِه ثم عُوفيَ لم يَجبْ عليه حَجٌّ آخَرُ؛ لأنَّه أتَى بما أُمر به فخرَج من العُهدةِ كما لو لم يَبرَأْ.

قال ابنُ قُدامةَ : أو نَقولُ: أدَّى حجَّةَ الإسلامِ بأمرِ الشارِعِ فلم يَلزمْه حَجٌّ ثانٍ، كَما لو حجَّ بنَفسِه؛ ولأنَّ هذا يُفضي إلى إيجابِ حجَّتيْن عليه، ولم يوجِبِ اللهُ عليه إلا حَجةً واحِدةً، وقولُهم: لم يَكنْ مَأيوسًا من بُرئه، قُلنا: لو لم يَكنْ مَأيوسًا منه لَما أُبيحَ له أن يَستَنيبَ؛ فإنَّه شَرطٌ لِجوازِ الاستِنابةِ، أمَّا الآيِسةُ إذا اعتدَّت بالشُّهورِ فلا يُتصوَّرُ عَودُ حَيضِها، فإنْ رَأت دَمًا فليسَ بحَيضٍ، ولا يَبطُلُ به اعتِدادُها؛ فأمَّا إنْ عُوفيَ قبلَ فَراغِ النائبِ من الحَجِّ فيَنبَغي ألَّا يُجزِئَه الحَجُّ؛ لأنَّه قدِر على الأصلِ قبلَ تَمامِ البَدلِ، فلزِمه كالصَّغيرةِ، ومن ارتفَع حَيضُها إذا حاضَت قبلَ إتمامِ عدَّتِها بالشُّهورِ، وكالمُتيمِّمِ إذا رَأى الماءَ في صَلاتِه، ويَحتملُ أنْ يُجزِئَه كالمُتمتِّعِ إذا شرَع في الصِّيامِ ثم قدِر على الهَديِ، والمُكفِّرِ إذا قدِر على الأصلِ بعدَ الشُّروعِ في الصِّيامِ ثم قدِر على الهَديِ، والمُكفِّرِ إذا قدِر على الأصلِ بعدَ الشُّروعِ في البَدلِ، وإذا بَرَأ قبلَ إحرامِ النائبِ لم يُجزِئْه بحالٍ (١).


(١) «المغني» (٤/ ٣٢١، ٣٢٢)، و «عمدة القاري» (٩/ ١٢٦)، و «شرح ابن بطال» (٤/ ٥٢٨)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٨٧)، و «المجموع» (٧/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>