للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحتاجُ إليها، فإنْ كان له دَينٌ على مَليءٍ باذِلٍ له يَكفيه للحَجِّ لزِمه؛ لأنَّه قادِرٌ، وإنْ كان على مُعسِرٍ أو تَعذَّر استَيفاؤه عليه لم يَلزمْه (١).

ب- وذكَر الكَرخيُّ من الحَنفيةِ أنَّ أبا يُوسفَ قال: إذا لم يَكنْ له مَسكَنٌ ولا خادِمٌ ولا قُوتُ عيالِه وعندَه دَراهِمُ تُبلِّغُه إلى الحَجِّ لا يَنبَغي أنْ يجعلَ ذلك في غيرِ الحَجِّ، فإنْ فعَل أثِمَ؛ لأنَّه مُستطيعٌ لمِلكِ الدَّراهمِ، فلا يُعذَرُ في التَّركِ، ولا يَتضرَّرُ بتَركِ شِراءِ المَسكَنِ والخادِمِ، بخِلافِ بَيعِ المَسكَنِ والخادِمِ، فإنَّه يَتضرَّرُ ببَيعِهما.

قال ابنُ عابدينَ : لكنْ هذا إذا كان وقتَ خُروجِ أهلِ بَلدِه كما صرَّح في اللُّبابِ، أمَّا قبلَه فيَشتَري به ما شاءَ؛ لأنَّه قبلَ الوُجوبِ (٢).

ج- مَنْ ملَك بِضاعةً لِلتِّجارةِ، هل يَلزمُه صَرفُ مالِ تِجارتِه للحَجِّ؟

ذهَب الحَنفيةُ والحَنابلةُ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأصحِّ إلى أنَّه يُشترَطُ لوُجوبِ الحَجِّ بَقاءُ رَأسِ مال لحِرفتِه زائدٍ على نَفقةِ الحَجِّ؛ لئلَّا يَلتحِقَ بالمَساكينِ، ورَأسُ المال يَختلِفُ باختِلافِ الناسِ، والمُرادُ ما يُمكِنُه الاكتِسابُ به قَدرَ كِفايتِه وكِفايةِ عيالِه لا أكثرُ؛ لأنَّه لا نهايةَ له.

قال ابنُ قُدامةَ : ومن له بضاعةٌ متى نقَصها اختَلَّ رِبحُها فلم يَكفِهم، أو سائمةٌ يَحتاجونَ إليها لم يَلزمْه الحَجُّ، وإنْ كان له من ذلك شيءٌ فاضِلٌ عن حاجَتِه لزِمه بَيعُه في الحَجِّ (٣).


(١) «المغني» (٤/ ٣٠٧).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٠٨)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٤٦).
(٣) «المغني» (٤/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>