للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتبَر المالِكيةُ القُدرةَ على الوُصولِ إلى مكةَ لِذي صَنعةٍ تَقومُ به ولا تُزري بمِثلِه، أمَّا الإيابُ فلا يُشترَطُ القُدرةُ على نَفقتِه عندَهم في المُعتمدِ، إلا أنْ يَعلمَ أنَّه إنْ بقِي هُناكَ ضاعَ وخشَي على نَفسِه ولو شكًّا فيُراعي ما يُبلِّغُه ويَرجعُ به إلى أقرَبِ المَواضِعِ، مما يُمكِنُه أنْ يَعيشَ فيه بما لا يُزري به من الحِرفِ (١).

ب- صرَّح جُمهورُ الفُقهاءِ بأنَّه يُشترَطُ في الراحِلةِ أنْ تَكونَ مِما تَصلحُ لمِثلِه، إمَّا بشِراءٍ أو بكِراءٍ لذَهابِه ورُجوعِه، فإنْ لم يَجدْها أو وجَدها بأكثرَ من ثَمنِ المِثلِ أو بأكثرَ من أُجرةِ المِثلِ، أو عجَز عن ثَمنِها أو أُجرتِها لم يَلزمْه الحَجُّ، سَواءٌ قدِر على المَشيِ وكانَ عادَتَه أو لا (٢).

قال الإمام ابنُ قُدامةَ : وأمَّا الراحِلةُ فيُشترَطُ أنْ يَجدَ راحِلةً تَصلحُ لمِثلِه؛ إمَّا بشِراءٍ أو بكِراءٍ لذَهابِه ورُجوعِه، ويَجدُ ما يَحتاجُ إليه من آلَتِها التي تَصلحُ لمِثلِه، فإنْ كان ممَّن يَكفيه الرَّحلُ والقَتَبُ ولا يَخشَى السُّقوطَ أجزَأ وُجودُ ذلك، وإنْ كان ممَّن لم تَجرِ عادَتُه بذلك ويَخشَى السُّقوطَ عنهما اعتُبرَ وُجودُ مَحمَلٍ وما أشبَهَه مِما لا مَشقَّةَ في رُكوبه ولا يُخشَى السُّقوطُ عنه؛ لأنَّ اعتِبارَ الراحِلةِ في حقِّ القادرِ على المَشيِ إنَّما كان لدَفعِ المَشقَّةِ، فيَجبُ أنْ يُعتبرَ ههُنا ما تَندفِعُ به المَشقَّةُ، وإنْ كان


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٢٠٧)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٥١١)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥١٠)، و «شرح الرسالة» (١/ ٤٥٦).
(٢) المَصادر السابِقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>