وقال ابنُ بطَّالٍ ﵀: هل فَرضُ الحَجِّ على الفَورِ ولا يَجوزُ تَأخيرُه؟ أو فيه فُسحةٌ وسَعةٌ؟ والذي نزَع فيه ابنُ عُمرَ هو الصَّحيحُ في النَّظرِ، وهو الذي تُعضِّدُه الأُصولُ، أنَّ في فَرضِ الحَجِّ سَعةً وفُسحةً؛ لأنَّ العُمرةَ لم يَجرِ لها ذِكرٌ في القُرآنِ إلا والحَجُّ مَذكورٌ معها، ولذلك قال ابنُ عَباسٍ: إنَّها لَقرينتُها في كتابِ اللهِ ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]. ولَو كان فَرضُ الحَجِّ على الفَورِ لم يَجزْ فَسخُه في عُمرةٍ، ولا أمَر الرَّسولُ ﷺ أصحابَه بذلك، ولَو كان وقتُه مُضيَّقًا لَوجَب إذا أخَّره إلى سَنةٍ أُخرَى أنْ يَكونَ قَضاءً لا أداءً، فلمَّا ثبَت أنَّه أداءٌ في أيِّ وقتٍ به، عُلم أنَّه ليسَ على الفَورِ (١).
(١) «شرح ابن بطال» (٤/ ٤٣٦)، ويُنظَر: «بدائع الصنائع» (٣/ ٣٦، ٣٧)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٢)، و «فتح القدير» (٢/ ٤١٢)، و «التمهيد» (١٦/ ١٦٣)، وما بعدَها، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٢/ ٢٠٠)، و «المدخل» (٤/ ٢١٤)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٤٧١، ٤٧٣)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٣٥٣)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ٢٤)، و «فتح الباري» (٣/ ٥٩٩)، و «الشرح الكبير مع المغني» (٤/ ٣١٩)، و «الإنصاف» (٣/ ٤٠٤)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٨٩)، و «الإفصاح» (١/ ٤٥٦).