٢ - أنَّ فَريضةَ الحَجِّ نزَلت بعدَ الهِجرةِ، وقد فتَح رَسولُ اللهِ ﷺ مكةَ في رَمضانَ سَنةَ ثَمانٍ، وانصرَف عنها في شوَّالٍ من سَنَتِه، واستخلَفَ عتَّابَ بنَ أُسَيدٍ، فأقامَ الناسُ الحَجَّ سَنةَ ثَمانٍ بأمرِ رَسولِ اللهِ ﷺ، وكانَ رَسولُ اللهِ ﷺ مُقيمًا بالمَدينةِ هو وأزواجُه وعامَّةُ أصحابِه، ثم غَزا غَزوةَ تَبوكٍ في سَنةِ تِسعٍ، وانصرَف عنها قبلَ الحَجِّ، فبعَث أبا بَكرٍ ﵁، فأقامَ الناسُ الحَجَّ سَنةَ تِسعٍ، ورَسولُ اللهِ ﷺ هو وأزواجُه وعامَّةُ أصحابِه قادِرونَ على الحَجِّ غيرُ مُشتَغلينَ بقِتالٍ ولا غيرِه، ثم حجَّ النَّبيُّ ﷺ بأزواجه وأصحابِه كلِّهم سَنةَ عَشرٍ، فدلَّ على جوازِ التَّأخيرِ، ولَو كان وُجوبُه على الفَورِ لَما احتمَل التَّأخيرُ منه.
٣ - حَديثُ كَعبِ بنِ عُجرةَ ﵁ قال:«وقَف علَيَّ رَسولُ الله ﷺ بالحُدَيبيةِ، ورَأسي يَتهافتُ قَملًا، فقال: يُؤذيكَ هَوامُّك؟ قلتُ: نعَم، قال: فاحلِقْ رَأسَك، أو قال: احلِقْ، قال: فيَّ نزَلت هذه الآيةُ: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ﴾ إلى آخرِها، فقال النَّبيُّ ﷺ: صُمْ ثَلاثةَ أيامٍ، أو تَصدَّقْ بفَرقٍ بينَ سِتةٍ أو انسُكْ بما تَيسَّر»(١).