للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ عبدِ البرِّ : وجاءَتِ الرِّوايةُ عن مالكٍ: أنَّه سُئل عن المَرأةِ تَكونُ صَرورةً مُستطيعةً على الحَجِّ، تَستَأذنُ زَوجها في ذلك فيَأبى أنْ يَأذنَ لها، هل يُجبَرُ على إذنٍ لها؟ قال: نَعمْ، ولكنْ لا يُعجَّلُ عليه، ويُؤخَّرُ العامَ بعدَ العامِ، وهذه الرِّوايةُ عن مالكٍ تَدلُّ على أنَّ الحَجَّ عندَه ليسَ على الفَورِ؛ بل على التَّراخي، واللهُ أعلمُ (١).

واستَدَلُّوا على ذلك بما يَلي:

١ - أنَّ اللهَ تَعالى فرَض الحَجَّ في وقتِ الحَجِّ مُطلقًا؛ لأنَّ قولَه تَعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] مُطلقٌ عن الوقتِ، ثم بيَّن وقتَ الحَجِّ بقوله ﷿: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧]، فوقتُ الحَجِّ أشهُرٌ مَعلوماتٌ، فصارَ المَفروضُ هو الحَجَّ في أشهُرِ الحَجِّ مُطلقًا من العُمرِ؛ فتَقييدُه بالفَورِ تَقييدُ المُطلقِ، ولا يَجوزُ إلا بدَليلٍ (٢).


(١) «التمهيد» (١٦/ ١٦٣).
(٢) انظر: «بدائع الصنائع» (٣/ ٣٦، ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>