للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمَذهبُ عندَ الشافِعيَّةِ أنَّه يُشترَطُ في اللُّبثِ قَدْرُ ما يُسمَّى عُكوفًا، أي: إقامةً، بحيث يَكونُ زَمنُها فَوقَ زَمنِ الطُّمأنينةِ في الرُّكوعِ ونَحوِه، فلا يَكفي قَدرُها ولا يَجِبُ السُّكونُ، بل يَكفي التَّردُّدُ فيه.

وقيلَ: يَكفي المُرورُ بلا لُبثٍ كالوُقوفِ بعَرفةَ.

وقيلَ: يُشترَطُ مُكثُ نَحوِ يَومٍ، أي قَريبٍ منه؛ لأنَّ ما دونَ ذلك مُعتادٌ في الحاجةِ التي تُعلَنُ في المَسجدِ أو في طَريقهٍ لِقَضاءِ الحاجةِ فلا يَصلُحُ.

قال الخَطيبُ الشِّربينيُّ: وعلى الأصَحِّ يَصحُّ نَذرُ اعتِكافِ ساعةٍ، ولو نذَر اعتِكافًا مُطلَقًا كَفاه لَحظةٌ، لكنَّ المُستحَبَّ يَومٌ، ويُسَنُّ كلَّما دخَل المَسجدَ أنْ يَنويَ الاعتِكافَ (١).

واختُلِف عن الإمامِ مالِكٍ في أقلِّ المُكثِ في المَسجدِ، فرَوى ابنُ وَهبٍ عنه أنَّ أقلَّه عندَه ثَلاثةُ أيامٍ، وذكَر ابنُ حَبيبٍ أنَّ أقلَّه عندَه يَومٌ ولَيلةٌ.

وقال ابنُ القاسِمِ: وَقفتُ مالِكًا على ذلك فأنكَره، وقال: أقلُّه عَشرةُ أيامٍ.

وعندَ البَغداديِّينَ من أصحابِه أنَّ العَشرةَ استِحبابٌ، وأنَّ أقلَّه يَومٌ ولَيلةٌ (٢).


(١) «مغني المحتاج» (٢/ ٢٠٥)، و «الإقناع» (١/ ٢٤٧).
(٢) «الاستذكار» (٣/ ٤٠٢)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٢٩)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٣٢١)، و «الذخيرة» (٢/ ٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>