للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صرَّح الحَنفيَّةُ بكَراهةِ صَومِ يَومِ عاشوراءَ مُنفَرِدًا عن التاسِعِ، أو عن الحاديَ عَشَرَ، هكذا قال ابنُ الهُمامِ وغَيرُه، لكنْ قال الكاسانيُّ في البَدائِعِ: وكَرِه بَعضُهم صَومَ يَومِ عاشوراءَ وَحدَه لِمَكانِ التَّشبيهِ باليَهودِ، ولم يَكرَهْه عامَّتُهم؛ لأنَّه من الأيامِ الفاضِلةِ، فيُستحَبُّ استِدراكُ فَضيلَتِها بالصَّومِ (١).

كما صَرَّح الحَنابِلةُ بأنَّه لا يُكرَهُ إفرادُ عاشوراءَ بالصَّومِ.

وقال النَّوَويُّ: وذكَر العُلماءُ من أصحابِنا وغَيرِهم في حِكمةِ استِحبابِ صَومِ تاسُوعاءَ أوجُهًا:

أحَدُها: أنَّ المُرادَ منه مُخالَفةُ اليَهودِ في اقتِصارِهم على العاشِرِ، وهو مَرويٌّ عن ابنِ عَباسٍ.

والثاني: أنَّ المُرادَ به وَصلُ يَومِ عاشوراءَ بصَومٍ، كما نَهى أنْ يُصامَ يَومُ الجُمُعةِ وَحدَه، ذكَرهما الخَطَّابيُّ وآخَرون.

الثالِثُ: الاحتِياطُ في صَومِ العاشِرِ خَشيةَ نَقصِ الهِلالِ، ووُقوعِ غَلطٍ؛ فيَكونُ التاسِعُ في العَددِ هو العاشِرَ في الأمرِ نَفسِه، واللهُ تَعالى أعلَمُ (٢).

واستحَبَّ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ صَومَ الحاديَ عَشَرَ أيضًا.

قال الخَطيبُ الشّربينيُّ : نَصَّ الشافِعيُّ في: «الأُمِّ» و «الإملاءِ»، على استِحبابِ صَومِ الثَّلاثةِ.


(١) «البدائع» (٢/ ٥٩٠).
(٢) «المجموع» (٧/ ٦٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>