للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه فَريضةٌ حتى يُؤدِّيَها»؛ ووَجهُ القَولِ في تَخييرِ الفاعِلِ فيما شاءَ من ذلك، وهو أنَّ الدَّلائلَ استَوت عندَه، وأنَّ استِواءَها دَليلٌ على التَّخييرِ، وهذا نَحوُ قَولِه في الإبِلِ إذا زادَت على العِشرينَ ومِئةٍ واحِدةً، جعَل الساعي مُخيَّرًا لَمَّا استَوت عندَه الأدِلَّةُ في مِقدارِ الزِّيادةِ المَذكورةِ في الحَديثِ، إنْ كان المُرادُ بها ما كانت من قَليلٍ أو كَثيرٍ أو زيادةٍ بغَيرِ الفَرضِ، ظاهِرُ ما في كِتابِ الصِّيامِ من المُدوَّنةِ أنَّ قَضاءَ رَمضانَ على الفَورِ: لأنَّه قال فيمَن أفطَر في رَمضانَ في سَفرٍ أو مَرضٍ ثم قدِم فأقامَ شَهرًا، أو صَحَّ شَهرًا ثم مات، وأوصى أنْ يُطعِمَ عنه؛ ذلك يَكونُ في ثُلثِه مَبدأً.

وكذلك على مَذهبِه فيما لو مَرِض شَعبانَ كلَّه بعدَ أنْ صَحَّ شَهرًا، لَوَجَب عليه الإطعامُ؛ فعلى هذا لا يَجوزُ له أنْ يَصومَ يَومَ عاشوراءَ إذا كان عليه قَضاءُ رَمضانَ، فيأتي في المَسألةِ أربَعةُ أقوالٍ (١).

وقال الحَطَّابُ : (وتَطوُّعٌ قبلَ نَذرٍ أو قَضاءٍ)، يَعني أنَّه يُكرَهُ التَّطوُّعُ بالصَّومِ لِمَنْ عليه نَذرٌ من الصِّيامِ أو عليه قَضاءُ رَمضانَ، وهذا في النَّذرِ المَضمونِ، وأمَّا النَّذرُ المُعيَّنُ فإذا جاء زَمنُه لم يَجُزْ له التَّطوُّعُ فيه؛ فإنْ فعَل أثِمَ ولَزمَه القَضاءُ، قاله في جامِعِ الأُمَّهاتِ لِلثَّعالِبيِّ ناقِلًا له عن المُنتَقَى.

ويُفهَمُ منه أنَّ التَّطوُّعَ بالصَّومِ قبلَ النَّذرِ المُعيَّنِ إذا لم يَجِئْ زَمنُه لا يُكرَهُ وهو ظاهِرٌ.


(١) «البيان والتحصيل» (٢/ ٣٢٥، ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>