للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: إذا نَوى المُسافِرُ الإقامةَ مُطلَقًا، أو مُدَّةَ الإقامةِ -وهي أربَعةُ أيامٍ بلياليها عندَ المالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ، وأكثَرُ من أربَعةِ أيامٍ عندَ الحَنابِلةِ، ونِصفُ شَهرٍ أو خَمسةَ عَشَرَ يَومًا عندَ الحَنفيَّةِ- في مَكانٍ واحِدٍ وكان المَكانُ صالِحًا لِلإقامةِ، لا كالسَّفينةِ والمَفازةِ ودارِ الحَربِ؛ فإنَّه يَصيرُ مُقيمًا بذلك، فيُتِمُّ الصَّلاةَ ويَصومُ ولا يُفطِرُ في رَمضانَ لانقِطاعِ حُكمِ السَّفرِ (١).

وصرَّح الشافِعيَّةُ على الصَّحيحِ بأنَّه يَحرُمُ عليه الفِطرُ إنْ نَوى الإقامةَ في السَّفرِ وكان قد نَوى الصَّومَ من اللَّيلِ قبلَ أنْ يَتناوَل مُفطِرًا لِانتِفاءِ المُبيحِ.

وفي قَولٍ: يَجوزُ له الفِطرُ، اعتِبارًا بأوَّلِ اليَومِ (٢).

وقال ابنُ جُزَيٍّ : إنَّ السَّفرَ لا يُبيحُ قَصرًا إلا بالنِّيَّةِ والفِعلُ بخِلافِ الإقامةِ؛ فإنَّها تُوجِبُ الصَّومَ والإتمامَ بالنيَّةِ دونَ الفِعلِ (٣).

وإذا لم يَنْوِ الإقامةَ ولكنَّه أقامَ لِقَضاءِ حاجةٍ له، بلا نيَّةِ إقامةٍ، ولا يَدري مَتى تَنقَضي، أو كان يَتوقَّعُ انقضاءَها في كلِّ وَقتٍ؛ فإنَّه يَجوزُ له أنْ يُفطِرَ، كما يَقصُرُ لِلصَّلاةِ.

قال الحَنفيَّةُ: ولو بَقيَ على ذلك سِنينَ.

فإنْ ظنَّ أنَّها لا تَنقَضي إلا فَوقَ أربَعةِ أيامٍ عندَ الجُمهورِ، أو خَمسةَ عَشَرَ يَومًا عندَ الحَنفيَّةِ؛ فإنَّه يُعتبَرُ مُقيمًا، فلا يُفطِرُ ولا يَقصُرُ، إلا أنْ يَكونَ


(١) «المغني» (٤/ ١٤٦، ١٤٢).
(٢) «شرح المحلى على المنهاج» (٢/ ٦٤)، و «النجم الوهاج» (٣/ ٣٣٠)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٢١٤).
(٣) «القوانين الفقهية» (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>