للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب المالِكيَّةُ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الكَفَّارةَ على التَّخييرِ: إما عِتقُ رَقبةٍ، وإمَّا صيامُ شَهرَيْن مُتتابِعَيْن، وإمَّا إطعامُ سِتِّينَ مِسكينًا، والمُستحَبُّ عندَ المالِكيَّةِ الإطعامُ أكثَرَ من العِتقِ ومن الصِّيامِ؛ لِما رَوى أبو هُرَيرةَ : «أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ في رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ رَسولُ اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، أو صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أو إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا» (١).

ولَفظُ: «أو» لِلتَّخييرِ. ولأنَّها كَفَّارةٌ لم تَجِبْ عن إتلافٍ ولا عُذرٍ فدخَلها التَّخييرُ ككَفَّارةِ اليَمينِ (٢).

قال ابنُ رُشدٍ : وسَببُ اختِلافِهم في وُجوبِ التَّرتيبِ: تَعارُضُ ظواهِرِ الآثارِ في ذلك والأقيسةِ، وذلك أنَّ ظاهِرَ حَديثِ الأعرابيِّ المُتقدِّمِ يُوجِبُ أنَّها على التَّرتيبِ، إذ سألَه النَّبيُّ عن الاستِطاعةِ عليها مُرتِّبًا إياها، وظاهِرُ ما رَواه مالِكٌ أنَّ رَجلًا أفطَر في رَمضانَ، فأمَره رَسولُ اللهِ أنْ يُعتِقَ رَقبةً، أو يَصومَ شَهرَيْن مُتتابِعَيْن، أو يُطعِمَ سِتِّينَ مِسكينًا أنَّها على التَّخييرِ؛ إذْ (أو) إنَّما تَقتَضي في لِسانِ العَربِ التَّخييرَ، وإنْ


(١) رواه مسلم (١١١١)، ومالكٌ في «الموطأ» (٦٥٧) واللفظُ له.
(٢) «الشرح الصغير» (١/ ٤٦٠)، و «الإشراف» (٢٠١)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٣٩، ٣٤١)، و «العناية شرح الهداية» (٣/ ٢٠٠)، و «المجموع» (٧/ ٥٥٤)، و «المغني» (٤/ ١٨٧/ ١٨٨)، و «الإفصاح» (١/ ٤٠١)، و «المدونة» (٦/ ٦٩)، و «رسالة القيرواني» (١/ ٦١)، و «الاستذكار» (٣/ ٣١١، ٣١٢)، و «حاشية ابن القيم على سنن أبي داود» (٧/ ١٦)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٥٤)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٣١٥)، و «الشرح الكبير» (١/ ٥٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>