للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمامُ النَّوَويُّ : فَرعٌ: ذكَرنا أنَّ من طلَع الفَجرُ وفي فيه طَعامٌ فليَلفِظْه ويُتِمَّ صَومَه؛ فإنِ ابتلَعه بعدَ عِلمِه بالفَجرِ بطَل صَومُه، وهذا لا خِلافَ فيه. ودَليلُه حَديثُ ابنِ عُمَرَ وعائِشةَ أنَّ رَسولَ اللهِ قال: «إنَّ بِلالًا يُؤذِّنُ بِلَيلٍ، فكُلوا واشرَبوا حتى يُؤذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكتومٍ»، رَواه البُخاريُّ ومُسلِمٌ. وفي الصَّحيحِ أحاديثُ بمَعناه.

وأمَّا حَديثُ أبي هُرَيرةَ عن النَّبيِّ أنَّه قال: «إذا سَمِع أحَدُكم النِّداءَ والإناءُ على يَدِه فلا يَضَعْه حتى يَقضيَ حاجَتَه منه»، وفي رِوايةٍ «وكان المُؤذِّنُ يُؤذِّنُ إذا بزَغ الفَجرُ» فرَوى الحاكِمُ أبو عَبدِ اللهِ الرِّوايةَ الأُولى وقال: هذا صَحيحٌ على شَرطِ مُسلِمٍ.

ورَواهما البَيهَقيُّ ثم قال: وهذا إنْ صَحَّ مَحمولٌ عندَ عَوامِّ أهلِ العِلمِ على أنَّه عَلِم أنَّه يُنادَى قبلَ طُلوعِ الفَجرِ بحيث يَقعُ شُربُه قُبَيلَ طُلوعِ الفَجرِ، قال: وقَولُه: «إذا بزَغ» يَحتمِلُ أنْ يَكونَ من كَلامِ مَنْ دونَ أبي هُرَيرةَ، أو يَكونَ خَبَرًا عن الأذانِ الثاني، ويَكونَ قَولُ النَّبيِّ : «إذا سَمِع أحَدُكم النِّداءَ والإناءُ على يَدِه» خَبرًا عن النِّداءِ الأولِ لِيَكونَ مُوافِقًا لِحَديثِ ابنِ عُمَرَ وعائِشةَ قال: وعلى هذا تَتَّفِقُ الأخبارُ وباللهِ التَّوفيقُ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقال الإمامُ علِيٌّ القاريُّ : (وعن أبي هُرَيرةَ قال: قال رَسولُ اللهِ: «إذا سَمِعَ النِّداءَ») أي: أذانَ الصُّبحِ («أحَدُكم والإناءُ») أي: الذي يأكُلُ منه


(١) «المجموع» (٦/ ٣١٩)، ويُنظَر: «معالم السنن» (٢/ ١٠٦)، و «الفروع» (٣/ ٥٢)، و «حاشية الروض المربع» (٣/ ٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>