للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يَشرَبُ منه («في يَدِه») جُملةٌ حاليَّةٌ («فلا يَضَعْه») أي: الإناءَ («حتى يَقضيَ حاجَتَه منه») أي: بالأكلِ والشُّربِ، وهذا إذا عُلِم أو ظُنَّ عَدمُ الطُّلوعِ، وقال ابنُ المَلِكِ: هذا إذا لم يَعلَمْ طُلوعَ الصُّبحِ، أمَّا إذا علِم أنَّه قد طلَع أو شَكَّ فيه فلا، وقال الخَطَّابيُّ: هذا مَبنيٌّ على قَولِه : «إنَّ بِلالًا يُؤذِّنُ بِلَيلٍ، فكُلوا واشرَبوا حتى يُؤذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكتومٍ»، وفيه أنَّه لا يَظهَرُ حينَئِذٍ فائِدةُ القَيدِ.

قال: أو يَكونُ مَعناه أنْ يَسمَعَ النِّداءَ وهو شاكٌّ في الصُّبحِ، لِتَغييمِ الهَواءِ مَثَلًا، فلا يَقَعُ له العِلمُ بأذانِه أنَّ الفَجرَ قد طلَع لِعِلمِه أنَّ دَلائلَ الفَجرِ مَعدومةٌ، ولو ظهَرت لِلمُؤذِّنِ، لَظَهرتْ له أيضًا، فأمَّا إذا علِم طُلوعَه فلا حاجةَ إلى أذانِ الصارِخِ؛ فإنَّه مَأمورٌ بالإمساكِ إذا تَبيَّن له الخَيطُ الأبيضُ، من الخَيطِ الأسودِ. وقال الطَّيِّبيُّ: يُشعِرُ دَليلُ الخِطابِ بأنَّه لم يُفطِرْ إذا لم يَكُنِ الإناءُ في يَدِه، وقد سبَق أنَّ تَعجيلَ الإفطارِ مَسنونٌ، لكنَّ هذا من مَفهومِ اللَّقبِ، فلا يُعمَلُ به، وتَعقَّبه ابنُ حَجَرٍ في بابِ الصَّوابِ أنَّه ليس من مَفهومِ اللَّقبِ، والتَّقييدُ بالجُملةِ الحاليَّةِ له مَفهومٌ اتِّفاقًا. اه.

يَعني عندَ الشافِعيَّةِ، وإلا فعندَ الحَنفيَّةِ لا اعتبارَ بالمَفهومِ إلا في المَسألةِ لا في الأدِلَّةِ، وقال ابنُ حَجَرٍ -تَبعًا لِلطَّيِّبيِّ إيماءً-: ويَصِحُّ أنْ يُرادَ من الحَديثِ طَلبُ تَعجيلِ الفِطرِ، أي: إذا سَمِع أحَدُكم نِداءَ المَغرِبِ وصادَفَ ذلك أنَّ الإناءَ في يَدِه لِحالةٍ أُخرى، فليُبادِرْ بالفِطرِ منه، ولا يُؤخِّرْ إلى وَضعِه، وبهذا يَندفِعُ قَولُ الشارِحِ ووَجهُ اندِفاعِه أنَّ قَولَه: «والإناءُ في يَدِه» ليس لِلتَّقييدِ، بل لِلمُبالَغةِ في السُّرعةِ. اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>