للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّه يُزيلُه عن فَمِه إذا سَمِعَ النِّداءَ ولْيُتِمَّ صَومَه، وأمَّا الحَديثُ الذي رَواه أبو هُرَيرةَ قال: قال رَسولُ اللَّهِ : «إذا سَمِع أحَدُكم النِّداءَ وَالإِنَاءُ على يَدِهِ فلا يَضَعْهُ حتى يَقضِيَ حاجَتَهُ منه» (١)، وفي رِوايةٍ: «وكان المُؤَذِّنُ يُؤذِّنُ إذا بَزَغَ الفَجْرُ» (٢)، فالمُرادُ بالنِّداءِ أذانُ بِلالٍ الأولِ، لِقَولِه : «إنَّ بِلالًا يُؤذِّنُ بِلَيلٍ فكُلوا واشرَبوا حتى يُؤذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكتومٍ»، والإناءُ مَرفوعٌ على أنَّه مُبتدَأٌ وخَبَرُه ما بَعدَه.

أو يَكونُ المُرادُ منه أنَّ تَحريمَ الأكلِ مُتعلِّقٌ بالفَجرِ لا بالأذانِ؛ فإنَّ المُؤذِّنَ قد يُبادِرُ بالأذانِ قبلَ الفَجرِ، فلا عِبرةَ بالأذانِ إذا لم يَعلَمْ بطُلوعِ الفَجرِ، وهذا الحُكمُ لِلعارِفينَ بالفَجرِ، وأمَّا العَوامُّ الذين لا يَعرِفونَ فعليهم بالاحتياطِ.

قال الإمامُ البَيهَقيُّ بعدَ أنْ ساقَ الحَديثَ: وهذا إنْ صحَّ فهو مَحمولٌ عندَ عَوامِّ أهلِ العِلمِ على أنَّه عَلِم أنَّ المُناديَ كان يُنادي قبلَ طُلوعِ الفَجرِ بحيث يَقَعُ شُربُه قُبَيلَ طُلوعِ الفَجرِ، وقَولُ الراوي: وكان المُؤذِّنون يُؤذِّنون إذا بزَغ، يَحتمِلُ أنْ يَكونَ خَبرًا مُنقطِعًا ممَّن دون أبي هُرَيرةَ، أو يَكونَ خَبرًا عن الأذانِ الثاني، وقَولُ النَّبيِّ : «إذا سَمِع أحَدُكم النِّداءَ والإناءُ على يَدِه»، خَبرًا عن النِّداءِ الأولِ (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٣٥٠)، وأحمد (١٠٦٣٧)، والحاكم في «المستدرك» (٧٩٢)، والبيهقي (٧٨٠٩).
(٢) رواه أحمد (١٠٦٣٧)، والبيهقي (٧٨١٠).
(٣) «سنن البيهقي» (٤/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>