للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ مَنْ أكلَ أو شَرِب مُتعمِّدًا يَجِبُ عليه القَضاءُ فقط دونَ الكَفَّارةِ.

قال ابنُ رُشدٍ : والسَّببُ في اختِلافِهم: اختِلافُهم في جَوازِ قياسِ المُفطِرِ بالأكلِ والشُّربِ على المُفطِرِ بالجِماعِ.

فمَن رأى أنَّ شَبَهَهما فيه واحِدٌ وهو انتِهاكُ حُرمةِ الصَّومِ جعَل حُكمَهما واحِدًا.

ومَن رأى أنَّ الكَفَّارةَ -وإنْ كانت عِقابًا لِانتِهاك الحُرمةِ- أشَدُّ مُناسَبةً لِلجِماعِ منها لِغَيرِه، وذلك أنَّ المَقصودَ بالعِقابِ الرَّدعُ، والعِقابُ الأكبَرُ قد يُوضَعُ لِما إليه النَّفسُ أمْيَلُ، وهو لها أغلَبُ من الجِناياتِ، وإنْ كانت الجِنايةُ مُتقارِبةً، إذ كان المَقصودُ من ذلك التِزامَ الناسِ الشَّرائِعَ، وأنْ يَكونوا أخيارًا عُدولًا، كما قال تَعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)[البقرة: ١٨٣] قال: هذه الكَفَّارةُ المُغلَّظةُ خاصَّةٌ بالجِماعِ، وهذا إذا كان ممَّن يَرى القياسَ.

وأمَّا مَنْ لا يَرى القياسَ فأمرُه بَيِّنٌ أنَّه ليس يَتعدَّى حُكمَ الجِماعِ إلى الأكلِ والشُّربِ.

وأمَّا ما رَوى مالِكٌ في: «المُوطَّأِ»: أنَّ رَجلًا أفطَر في رَمضانَ فأمَرَه النَّبيُّ بالكَفَّارةِ المَذكورةِ، فليس بحُجَّةٍ؛ لأنَّ قَولَ الراوي: فأفطَر، هو مُجمَلٌ، والمُجمَلُ ليس له عُمومٌ فيُؤخَذُ به، لكنَّ هذا قَولٌ على أنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>