للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّهم اختَلفُوا فيما إذا أُغمي عليه ولم يُفِقْ إلا بعدَ غُروبِ الشَّمسِ هل يَصحُّ صَومُه أو لا؟

فذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَصحُّ صَومُه؛ لأنَّ الصَّومَ هو الإمساكُ مع النيَّةِ، لِقَولِ النَّبيِّ : «قال اللهُ تَعالى: كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ له إلا الصِّيامَ فَهُوَ لي وأنا أَجْزِي بِهِ، إنَّما يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ من أَجْلِى» (١)، فأضافَ تَركَ الطَّعامِ والشَّرابِ إليه، فإذا كان مُغمًى عليه فلا يُضافُ الإمساكُ إليه، فلم يُجزِئْه، ولأنَّ النيَّةَ أحَدُ رُكنَيِ الصَّومِ لم تُجزِئْ وَحدَها كالإمساكِ وَحدَه.

وذهَب الحَنفيَّةُ إلى صِحَّةِ صَومِه؛ لأنَّ نيَّتَه قد صَحَّت، وزَوالُ الاستِشعارِ بعدَ ذلك لا يَمنَعُ الصَّومَ، كالنَّومِ.

واختَلفُوا فيما إذا أفاق في أثناءِ النَّهارِ ولم يَكُنْ نَوى من اللَّيلِ هل يَصحُّ صَومُه أو لا؟

فذهَب الحَنفيَّةُ إلى أنَّه لو أفاق قبلَ الزَّوالِ ونَوى الصَّومَ أجزأه؛ لأنَّ صَومَ رَمضانَ يَجوزُ بنيَّةٍ قبلَ الزَّوالِ وإنْ أفاقَ بعدَ الزَّوالِ لا يَصحُّ صَومُه (٢).

وذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى عَدمِ صِحَّةِ صَومِه (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٢) «البحر الرائق» (٢/ ٢٧٧)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ١٩٦)، و «مجمع الأنهر» (١/ ٣٧٢).
(٣) «المدونة» (١/ ٢٠٨)، و «جواهر الإكليل» (١/ ١٤٨)، و «الشرح الكبير» (١/ ٥٢٠)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٥٣)، و «حاشية العدوي» (١/ ٥٧٥)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٣٦٦)، و «حواشي الشرواني» (٣/ ٤١٥)، و «حاشية البيجوري» (١/ ٣٠٠)، و «المغني» (٤/ ١٣٦)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٩٢، ٢٩٣)، و «الإفصاح» (١/ ٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>