للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ البُجيرميُّ: فلو عطَسَ حمِدَ اللهَ بقَلبِه ويُثابُ عليه، وليسَ لنا ذِكرٌ يُثابُ عليه من غيرِ لَفظٍ إلا هذا.

وقالَ في «الإنصاف»: وأمَّا حَمدُ العاطِسِ وإجابةُ المُؤذِّنِ فيَحمدُ ويُجيبُ بقَلبِه ويُكرهُ بلَفظِه على الصَّحيحِ من المَذهبِ وعليه الأَصحابُ وعنه يُكرهُ. قالَ الشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ: يُجيبُ المُؤذِّنَ في الخَلاءِ.

وأمَّا رَدُّ السَّلامِ فيُكرهُ بلا خِلافٍ في المَذهبِ، نَصَّ عليه الإمامُ (١).

وقد صرَّحَ الحَنفيةُ بأنَّ الكَراهةَ في حالِ قَضاءِ الحاجةِ سَواءٌ كانَت بَولًا أو غائِطًا وأنَّه يُكرهُ التَّكلمُ كذلك في مَوضعِ الخَلاءِ ولو في حالٍ غيرِ قَضاءِ الحاجةِ (٢).

وقال كنُّونٌ في «حاشيتِه»: رَوى عِياضٌ جَوازَ ذِكرِ اللهِ في الكَنيفِ. قالَ القاضِي: وهو قَولُ مالِكٍ والنَّخعيِّ وعَبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ، وقالَ ابنُ القاسِمِ: إذا عطَسَ وهو يَبولُ فليَحمدِ اللهَ.

وقالَ ابنُ رُشدٍ: والدَّليلُ لابنِ القاسِمِ من جِهةِ الأثَرِ «أنَّ رَسولَ اللهِ كانَ يَذكرُ اللهَ على كل أَحيانِه» (٣). ومِن طَريقِ النَّظرِ أنَّ ذِكرَ اللهِ يَصعدُ إلى السَّماءِ فلا يَتعلقُ به مِنْ دَناءةِ المَحلِّ شَيءٌ فلا يَنبَغي أنْ يَمتنعَ عن ذِكرِ اللهِ على كلِّ حالٍ إلا بنَصٍّ ليسَ فيه احتِمالٌ (٤).


(١) «الإنصاف» (١/ ٩٥).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٣٤٤)، و «المهذب» (١/ ٥٠).
(٣) رواه مسلم (٣٧٣).
(٤) «حاشية كنون بهامش الرهوني» (١/ ١٥٣)، والنص بأكمله في «التاج والإكليل» (١/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>