والصَّحيحُ عندَ المالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ: أنَّه لا يُشترَطُ في تَبييتِ النِّيَّةِ النِّصفُ الآخَرُ من اللَّيلِ، بل تَصحُّ في أيِّ جُزءٍ من اللَّيلِ، لِإطلاقِه في الحَديثِ:«لَا صِيَامَ لِمَنْ لم يُبَيِّتِ الصِّيامَ من اللَّيْلِ» من غَيرِ تَفصيلٍ، ولأنَّه نَوى من اللَّيلِ فصَحَّ صَومُه، كما لو نَوى في النِّصفِ الأخيرِ.
ولأنَّ تَخصيصَ النِّيَّةِ بالنِّصفِ الأخيرِ من اللَّيلِ يَقضي إلى تَفويتِ الصَّومِ؛ لأنَّه وَقتُ النَّومِ وكَثيرٌ من الناسِ لا يَنتبِهُ فيه ولا يَذكُرُ الصَّومَ، والشارِعُ إنَّما رخَّص في تَقديمِ النيَّةِ على ابتدائِه، لِحَرجِ اعتبارِها عندَه، فلا يَخصُّها بمَحلٍّ لا تَندَفعُ المَشقَّةُ بتَخصيصِها به، ولأنَّ تَخصيصَها بالنِّصفِ الأخيرِ تَحكُّمٌ من غَيرِ دَليلٍ.
والصَّحيحُ أيضًا: أنَّه لا يَضُرُّ لو فعَل بعدَ النِّيَّةِ ما يُنافي الصَّومَ من الأكلِ والشُّربِ والجِماعِ ما دام في اللَّيلِ؛ لأنَّه لم يَتلبَّسْ بالعِبادةِ.
والصَّحيحُ أيضًا: أنَّه لا يَجِبُ تَجديدُ النِّيَّةِ إذا نامَ بعدَها ثم انتَبه قبلَ الفَجرِ (١).
وذهَب الحَنفيَّةُ إلى أنَّه لا يُشترَطُ تَبييتُ النيَّةِ في رَمضانَ ولا في النَّذرِ المُعيَّنِ ولا النَّفلِ؛ فلو لم يَنوِ باللَّيلِ حتى أصبَحَ أجزأتْه النِّيَّةُ ما بينَه وبينَ الزَّوالِ -نِصفَ النَّهارِ- فيَنوي قبلَ الزَّوالِ لِيَكونَ الأكثَرُ مَنويًّا، فيَكونَ
(١) «القوانين الفقهية» (٨٠)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٤٦)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٤٩)، و «المجموع» (٧/ ٤٧٩، ٤٨٤)، و «شرح المحلى على المنهاج» (٢/ ٥٢)، و «الإقناع» (٢/ ٣٢٦)، و «المغني» (٤/ ١٢٨، ١٢٩)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣١٥).