للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي لَفظٍ: «مَنْ لم يُبَيِّتِ الصِّيامَ من اللَّيْلِ فلا صِيَامَ له» (١).

ولأنَّه صَومُ فَرضٍ افتَقَر إلى النيَّةِ من اللَّيلِ كالقَضاءِ والنُّذورِ، ولأنَّ النيَّةَ شَرطٌ في الصَّومِ الشَّرعيِّ، يَجِبُ ألَّا يُجزِئَ الصَّومُ متى مَضى بَعضُ اليَومِ عارِيًا منها، ولأنَّها عِبادةٌ تُؤدَّى وتُقضى وجَب أنْ يَستوفيَ فيها وَقتَ النيَّةِ في الأداءِ والقَضاءِ كالصَّلاةِ.

والتَّبييتُ: إيقاعُ النيَّةِ في اللَّيلِ، ما بينَ غُروبِ الشَّمسِ إلى طُلوعِ الفَجرِ، فلا تَكفي النيَّةُ قبلَ الغُروبِ عندَ الجميعِ، ولا بعدَ الفَجرِ؛ لأنَّ النيَّةَ القَصدُ، وقَصدُ الماضي مُحالٌ عَقلًا.

ولو قارَن الغُروبَ أو الفَجرَ، أو شَكَّ، لم يَصحَّ كما هو قَضيَّةُ التَّبييتِ.

وفي قَولٍ لِلمالِكيَّةِ يَصحُّ لو قارَنتِ الفَجرَ، كما في تَكبيرةِ الإحرامِ؛ لأنَّ الأصلَ في النِّيَّةِ المُقارَنةُ لِلمَنويِّ (٢).

ولا تُجزِئُ بعدَ الفَجرِ، وتُجزِئُ مع طُلوعِ الفَجرِ إنِ اتَّفَق ذلك، وهو قَولُ عَبدِ الوَهَّابِ، وصَوَّبَه اللَّخميُّ وابنُ رُشدٍ من المالِكيَّةِ، وإنْ رَوى ابنُ عَبدِ الحَكَمِ أنَّها لا تُجزِئُ مع الفَجرِ، وكَلامُ القَرافيِّ وابنِ بَشيرٍ وابنِ الحاجِبِ يَدُلُّ على أنَّ المُقارَنةَ لِلفَجرِ هي الأصلُ، لكنْ رُخِّص تَقدُّمُها عليه لِلمَشقَّةِ في مُقارَنتِها له (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٤٥٤)، وأحمد (٦/ ٢٨٧)، والترمذي (٧٣٠)، والنسائي (٢٣٣١، ٢٣٣٣).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٤٦)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٥٢٠)، و «بلغة السالك» (١/ ٤٤٩).
(٣) «حاشية الدسوقي» (١/ ٥١٩، ٥٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>