للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له حُكمُ الكُلِّ، فلو نَوى بعدَ ذلك لا يَجوزُ؛ لِخُلُوِّ الأكثَرِ من النيَّةِ، تَغليبًا لِلأكثَرِ.

إلا أنَّ الأفضَلَ أنْ يَصومَ بنيَّةٍ مُعيَّنةٍ مُبيَّتةٍ لِلخُروجِ من الخِلافِ (١).

واستَدَلَّ الحَنفيَّةُ على ما ذهَبوا إليه من عَدمِ اشتِراطِ تَبييتِ النيَّةِ وصِحَّتِها حتى إلى نِصفِ النَّهارِ بما يَلي:

١ - ما رَوى ابنُ عَباسٍ أنَّ الناسَ أصبَحوا يَومَ الشَّكِّ، فقَدِم أعرابيٌّ وشَهِد برُؤيةِ الهِلالِ، فقال : «أتَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأنِّي رَسولُ اللهِ؟»، فقال: نَعَمْ، فقال : «اللهُ أكبَرُ، يَكفي المُسلِمين أحَدُهم، فصامَ وأمَرَ بالصِّيامِ، وأمَرَ مُنادِيًا فنادَى: ألَا مَنْ أكلَ فلا يأكُلْ بَقيَّةَ يَومِه، ومَن لم يَأكُلْ فليَصُمْ» (٢)؛ فقد أمَرَ بالصَّومِ وأنَّه يَقتَضي


(١) «الاختيار» (١/ ١٣٦)، و «البدائع» (٢/ ٦٠٦).
(٢) هذا الحَديثُ ذكَره المَوصليُّ في «الاختيارِ» (١/ ١٣٥) ولم يَعزُه إلى أحَدٍ، وقال الزَّيلَعيُّ في «نَصبِ الرايةِ» (٢/ ٤٣٥) قُلتُ: حَديثٌ غَريبٌ، وذكَره ابنُ الجَوزيِّ في التَّحقيقِ وقال: إنَّ هذا حَديثٌ لا يُعرَفُ، وإنَّما المَعروفُ أنَّه شَهِد عندَه برُؤيةِ الهِلالِ فأمَر أنْ يُناديَ في الناسِ أنْ تَصوموا غَدًا.
وقال الحافِظُ في «الدِّرايةِ» (١/ ٢٧٥): لم أجِدْه، وقِصَّةُ شَهادةِ الأعرابيِّ دونَ ما بعدَها عندَ الأربَعةِ عن ابنِ عباسٍ قال: «جاءَ أعرابيٌّ فقال: إنِّي رأيتُ الهِلالَ، فقال : أتَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ؟ قال: نَعَمْ، قال: يا بِلالُ، أذِّنْ في الناسِ فليَصوموا». وصحَّحه ابنُ حِبَّانَ وسيأتي قَريبًا، وأَخرَجه الدارَقُطنيُّ بلَفظٍ يُغايِرُ التَّرجمةَ، وهو أنَّ أعرابيًّا جاءَ لَيلةَ شَهرِ رَمضانَ … الحَديثَ، وفيه عندَ أبي يَعلى أبصَرتُ الهِلالَ اللَّيلةَ، وفيه عندَهما: فأمَر أنْ يُنادَى في الناسِ أنْ يَصوموا غَدًا، وبَقيَّةُ الحَديثِ: إنَّما هو في قِصَّةِ عاشوراءَ. أَخرَجه الشَّيخان من حَديثِ سَلمةَ بنِ الأكوَعِ أنَّه أمَرَ رَجلًا من أسلَمَ أنْ أذِّنْ في الناسِ أنَّ مَنْ أكلَ فليَصُمْ بَقيَّةَ يَومِه، ومَن لم يَكُنْ أكَلَ فليَصُمْ فإنَّ اليَومَ يَومُ عاشوراءَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>