للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا في البِلادِ التي يَكونُ فيها اللَّيلُ ولو قَدْرَ ساعةٍ أو ساعَتَيْن كما هو الحالُ في بِلادِ النَّرويجِ مَثلًا، يَصومون واحدةً وعِشرينَ ساعةً، فهناك ثَلاثُ ساعاتِ لَيلٍ، فهذا خارِجٌ عما أفتَى به فُقهاءُ الحَنفيَّةِ والشافِعيَّةِ، وعلى قَواعِدِهم أنَّه يَجِبُ الصِّيامُ عليهم، ولا يُقدَّرُ بأقرَبِ البِلادِ إليهم (١).

وأمَّا البِلادُ التي يَكونُ النَّهارُ فيها نِصفَ العامِ واللَّيلُ نِصفَ العامِ فهذا يَكونُ فيه التَّقديرُ، كما في حَديثِ الدَّجَّالِ الذي رَواه مُسلِمٌ وغَيرُه عن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ أنَّه قال: «قُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ وما لُبْثُهُ في الأرضِ، قال: أرْبَعُونَ يوْمًا، يوْمٌ كسَنَةٍ ويَوْمٌ كشَهْرٍ ويَوْمٌ كجُمُعَةٍ وسَائِرُ أيَّامِهِ كأَيَّامِكُمْ، قُلْنا: يا رسُولَ اللَّهِ فذَلِكَ الْيَوْمُ الذي كسَنَةٍ أتَكْفِينَا فيه صلَاةُ يوْمٍ؟ قال: لا، اقْدُرُوا له قَدْرَهُ» (٢).

قال الإمامُ النَّوَويُّ : وأمَّا قَولُهم: «يا رَسولَ اللهِ، فذلك اليَومُ الذى كسَنةٍ أتَكفينا فيه صَلاةُ يَومٍ؟ قال: لا، اقدُروا له قَدْرَه»، فقال القاضي وغَيرُه: هذا حُكمٌ مَخصوصٌ بذلك اليَومِ شَرَعه لنا صاحِبُ الشَّرعِ، قالوا: ولولا هذا الحَديثُ ووُكلِنْا إلى اجتِهادِنا لاقتصَرْنا فيه على الصَّلواتِ الخَمسِ عندَ الأوقاتِ المَعروفةِ في غَيرِه من الأيامِ، ومَعنى اقدُروا له قَدْره


(١) وهو ما جاء في قَرارِ مَجمَعِ الفِقهِ الإسلاميِّ أنَّه لا بُدَّ من الصِّيامِ على الفَجرِ وعندَ غُروبِ الشَّمسِ ما دام هناك دُخولٌ لِلفَجرِ صَحيحٌ وغُروبٌ لِلشَّمسِ صَحيحٌ في اليَومِ واللَّيلةِ.
وأمَّا دارُ الإفتاءِ المِصريَّةُ فتُفتي بالاعتِمادِ على صيامِ أهلِ مَكةَ أو المَدينةِ فيُقدَّرُ بها، وبَعضُ العُلماءِ المُعاصِرين يُفتونَ بأنَّه يُقدَّرُ الصِّيامُ عندَهم بأقرَبِ البِلادِ الإسلاميةِ إليهم.
(٢) رواه مسلم (٢٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>