للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه إذا مَضى بعدَ طُلوعِ الفَجرِ قَدرُ ما يَكونُ بينَه وبينَ الظُّهرِ كلَّ يَومٍ فصَلُّوا الظُّهرَ، ثم إذا مَضى بَعدَه قَدرُ ما يَكونُ بينَها وبينَ العَصرِ فصَلُّوا العَصرَ، وإذا مَضى بعدَ هذا قَدرُ ما يَكونُ بينَها وبينَ المَغربِ فصَلُّوا المَغرِبَ، وكذا العِشاءُ والصُّبحُ ثم الظُّهرُ ثم العَصرُ ثم المَغرِبُ وهكذا حتى يَنقَضي ذلك اليَومُ وقد وقَع فيه صَلواتُ سَنةٍ فَرائِضُ كلُّها مُؤدَّاةٌ فى وَقتِها، وأمَّا الثاني الذى كشَهرٍ، والثالِثُ الذى كجُمُعةٍ فقياسُ اليَومِ الأولِ أنْ يَقدُرَ لهما كاليَومِ الأولِ على ما ذَكَرناه، واللهُ أعلَمُ (١).

وأيضًا قد ذكَر الإمامُ النَّوَويُّ مَسألةً مُشابِهةً لِهذا في حَقِّ الأسيرِ ونَحوِه الذي لا يَعرِفُ اللَّيلَ من النَّهارِ ماذا يَفعَلُ؟ فقال : فَرعٌ: إذا لم يَعرِفِ الأسيرُ ونَحوُه اللَّيلَ ولا النَّهارَ، بل استَمرَّت عليه الظُّلمةُ دائِمًا فهذه مَسألةٌ مُهمَّةٌ قَلَّ مَنْ ذكَرها، وقد حَكى الإمامُ أبو بَكرٍ المَروَزيُ من أصحابِنا فيه ثَلاثةَ أوجُهٍ لِلأصحابِ.

أحَدُها: يَصومُ ويَقضي؛ لأنَّه عُذرٌ نادِرٌ.

والثاني: لا يَصومُ؛ لأنَّ الجَزمَ بالنِّيَّةِ لا يَتحقَّقُ مع جَهالةِ الوَقتِ.

والثالِثُ: يَتحَرَّى ويَصومُ ولا يَقضي كيَومِ الغَيمِ في الصَّلاةِ.

قُلتُ: الأصَحُّ أنَّه يَلزَمُه التَّحرِّي والصَّومُ ولا قَضاءَ عليه، هذا إذا لم يَظهَرْ له فيما بعدُ الخَطأُ؛ فإنْ تَبيَّنَ أنَّه صادَف اللَّيلَ لَزِمه القَضاءُ بلا خِلافٍ، واللهُ تَعالى أعلَمُ (٢).


(١) «شرح صحيح مسلم» (١٨/ ٦٦).
(٢) «المجموع» (٦/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>