للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَرَاهُ»، فقُلتُ: أَوَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فقال: «لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسولُ اللَّهِ » (١).

وقال الإمامُ النَّوَويُّ : المَسألةُ الثالِثةُ: إذا رأوُا الهِلالَ في رَمضانَ في بَلدٍ ولم يَرَوْه في غَيرِه، فإنْ تقارَبَ البَلَدانِ فحُكمُهما حُكمُ بَلدٍ واحِدٍ، ويَلزَمُ أهلَ البَلدِ الآخَرِ الصَّومُ بلا خِلافٍ، وإنْ تباعَدا فوَجهان مَشهورانِ في الطَّريقَتَيْن:

أصَحُّهما: لا يَجِبُ الصَّومُ على أهلِ البَلدِ الآخَرِ، وبهذا قطَع المُصنِّفُ والشَّيخُ أبو حامِدٍ والبَندَنيجيُّ وآخَرون، وصَحَّحه العَبدَريُّ والرافِعيُّ والأكثَرون.

والثاني: يَجِبُ، وبه قال الصَّيمَريُّ وصَحَّحه القاضي أبو الطَّيِّبِ والدارِميُّ وأبو علِيٍّ السِّنجيُّ وغَيرُهم، وأجابَ هؤلاء عن حَديثِ كُرَيبٍ عن ابنِ عَباسٍ أنه لم يَثبُتْ عندَه رُؤيةُ الهِلالِ في بَلدٍ آخَرَ بشَهادةِ عَدلَيْن، والصَّحيحُ الأولُ.

وفيما يُعتبَرُ به البُعدُ والقُربُ ثَلاثةُ أوجُهٍ:

أصَحُّها وبه قطَع جُمهورُ العِراقيِّين والصَّيدلانيُّ وغَيرُهم: أنَّ التَّباعُدَ يَختلِفُ باختِلافِ المَطالِعِ، كالحِجازِ والعِراقِ وخُراسانَ، والتَّقارُبُ ألَّا يَختلِفَ، كبَغدادَ والكُوفةِ والرَّيِّ وقَزوينَ؛ لأنَّ مَطلِعَ هؤلاء مَطلِعُ هؤلاء، فإذا رآه هؤلاء فعَدمُ رُؤيتِه لِلآخَرين لِتَقصيرِهم في التأمُّلِ أو لِعارِضٍ، بخِلافِ مُختلِفي المَطلِعِ.


(١) رواه مسلم (١٠٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>