للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعِتاقِ ووُجوبِ النُّذورِ وغَيرِ ذلك من الأحكام؛ فيَجِبُ صيامُه بالنَّصِّ والإجماعِ؛ ولأنَّ البَيِّنةَ العادِلةَ شَهِدت برُؤيةِ الهِلالِ؛ يَجِبُ الصَّومُ كما لو تَقارَبت البُلدانُ (١).

وذهَب الشافِعيَّةُ في الأصَحِّ عندَهم وبَعضُ الحَنفيَّةِ وبَعضُ المالِكيَّةِ وهو قَولٌ لِلحَنابِلةِ اختارَه شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ إلى أنَّه إذا اختلَفت المَطالِعُ وتباعَدت البُلدانُ لا يَجِبُ الصَّومُ على أهلِ البَلدِ الآخَرِ، وإنْ تَقارَبت البُلدانُ فحُكمُهما بَلدٌ واحِدٌ، ويَلزَمُ أهلَ البَلدِ الآخَرِ الصَّومُ بلا خِلافٍ.

واستدَلُّوا على ذلك بأنَّ ابنَ عَباسٍ لم يَعمَلْ برُؤيةِ أهلِ الشامِ لِحَديثِ كُرَيْبٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إلى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، قال: فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ، وأنا بِالشَّامِ، فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ في آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي عَبدُ اللَّهِ بنُ عَباسٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ، فقال: «مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ؟» فقُلتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فقال: «أنتَ رَأَيْتَهُ؟»، فقُلتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ الناسُ وَصَامُوا، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فقال: «لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فلا نَزَالُ نَصُومُ حتى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أو


(١) «المغني» (٤/ ١٢٢)، ويُنظَر: «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٩٣)، و «البدائع» (٢/ ٥٩٨)، و «الاختيار» (١/ ١٢٩، ١٣٠)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣١٣)، و «الذخيرة» (٢/ ٢٩٦)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ١٢١)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٧٣) (٣/ ٢٧٣)، و «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ١٠٤)، و «المجموع» للنووي (٧/ ٤٥٦، ٤٥٨)، و «نيل الأوطار» (٤/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>