للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ دَفعَ زَكاتِه إليهم تُغنيهم عن نَفقَتِه وتُسقِطُها عنه ويَعودُ نَفعُها إليه، فكأنَّه دفَعَها إلى نَفسِه فلم تَجزْ كما لو قَضى بها دَينَه (١).

لكنْ قد قيَّدَ العُلماءُ كابنِ المُنذِرِ وغيرِه نَقلَ الإِجماعِ على عَدمِ جَوازِ الدَّفعِ إلى الوالِدَينِ بالحالِ التي يُجبَرُ فيها الدافِعُ إليهم على النَّفقةِ عليهم، فإذا لم تَتحقَّقْ هذه الحالُ بأنْ كانَ الوَلدُ مُعسِرًا وملَكَ نِصابًا تَجبُ فيه الزَّكاةُ فقد قالَ الإمامُ النَّوويُّ : إذا كانَ الوَلدُ أو الوالِدُ فَقيرًا أو مِسكينًا، وقُلنا في بعضِ الأَحوالِ: «لا تَجبُ نَفقتُه» يَجوزُ لوالِدِه ووَلدِه دَفعُ الزَّكاةِ إليه من سَهمِ الفُقراءِ والمَساكينِ بلا خِلافٍ؛ لأنَّه حينَئذٍ كالإِجماعِ (٢).

وقالَ الإمامُ المَرداويُّ : إنْ كانَ الوالِدانِ وإنْ عَلَوا والوَلدُ وإنْ سفَلَ في حالِ وُجوبِ نَفقتِهم عليه لم يَجزْ إليهم إِجماعًا، وإنْ كانوا في حالٍ لا تَجبُ نَفقتُهم عليه كوَلدِ البِنتِ وغيرِه ممَّن ذُكرَ كما إذا لم يَتَّسعْ للنَّفقةِ مالُه لم يَجزْ أيضًا دَفعُها إليهم على الصَّحيحِ من المَذهبِ، ونَصَّ عليه، وعليه أكثَرُ الأَصحابِ.

وقيلَ: يَجوزُ والحالةُ هذه، اختارَه القاضِي في «المُجرَّد» والشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ (أي: ابنُ تَيميَّةَ) وصاحِبُ «الفائقِ» وذكَرَه المَجدُ، وهو ظاهِرُ كَلامِ أبي الخَطابِ، وأطلَقَ في «الواضِح» في جَدٍّ وابنِ ابنٍ مَحجوبَينِ وَجهَينِ (٣).


(١) «المغني» (٣/ ٤٢٣).
(٢) «المجموع» (٦/ ٢١٩).
(٣) «الإنصاف» (٣/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>