للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِنفٍ منهم لا يُحصَى، والإِضافةُ إلى مَنْ لا يُحصَى لا تَكونُ للتَّمليكِ وإنَّما هو لبَيانِ الجِهةِ فيه فيَتناوَلُ الجِنسَ، وهو الواحِدُ، ألَا تَرى أنَّ من حلَفَ لا يَشربُ ماءَ الدِّجلةِ فشرِبَ منه جَرعةً واحِدةً حنَثَ؛ لأنَّه لا يَقدِرُ على شُربِه كلِّه، فعُلمَ أنَّ هذه الأَصنافَ الثَّمانيةَ بجُملتِهم للزَّكاةِ مِثلُ الكَعبةِ للصَّلاةِ، وكلُّ صِنفٍ منهم مِثلُ جُزءٍ من الكَعبةِ، واستِقبالُ جُزءٍ من الكَعبةِ كافٍ، وقَولُه تَعالى: ﴿إِنَّمَا﴾ هو لإِثباتِ المَذكورِ ونَفيِ ما عداه، وهو حَصرٌ لجِنسِ الصَّدقاتِ على هذه الأَصنافِ المَعدودةِ، وأنَّها مُختصَّةٌ بهم مُنحصِرةٌ عليهم، كأنَّه قالَ: إنَّما هي لهم، وليسَت لغيرِهم (١).

القَولُ الثاني: أنَّه يَجبُ تَعميمُ الأَصنافِ الثَّمانيةِ في زَكاةِ الفِطرِ، وهو مَذهبُ الشافِعيةِ وداودَ وابنِ حَزمٍ الظاهِريِّ ورِوايةٌ عن أحمدَ اختارَها أبو الخَطابِ وغيرُه من الحَنابِلةِ (٢).

قالَ الماوَرديُّ : قالَ الشافِعيُّ : «ويَقسِمُها على من تُقسَمُ عليه زَكاةُ المالِ». قالَ: وهذا كما قالَ: مَصرِفُ زَكاةِ الفِطرِ، مَصرِفُ زَكاةِ المالِ في الأَصنافِ المَذكورينَ في كِتابِ اللهِ تَعالى.

وقالَ أبو سَعيدٍ الإصطَخريُّ: إنْ تَولَّى إِخراجَه بنَفسِه جازَ أنْ يَقتصِرَ على صِنفٍ واحِدٍ من جُملةِ الأَصنافِ الثَّمانيةِ، فيَدفعَها إلى ثَلاثةٍ من أيِّ


(١) «الجوهرة النيرة» (١/ ٤٨٧).
(٢) «الحاوي الكبير» (٣/ ٣٨٧)، و «مختصر المزني» (١/ ٥٥)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٣٢٩)، و «طرح التثريب» (٤/ ٦٢)، و «أسنى المطالب» (١/ ٤٠٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١١٦)، و «المحلى» (٦/ ١٤٤)، و «الفروع» لابن مفلح (٢/ ٤٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>