للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: قَولُهم بأنَّ الآيةَ اشتَملَت على لَفظِ ﴿إِنَّمَا﴾ وهي تَقتَضي الحَصرَ في وُقوفِ الصَّدقاتِ على الأَصنافِ المَذكورينَ، فغيرُ مُسلَّمٍ لهم به؛ لأنَّه ليسَ في هذا الاستِدلالِ ما يَدلُّ على وُجوبِ الاستيعابِ للأَصنافِ، وإنَّما يَدلُّ على أنَّ الأَصنافَ مَحصورةٌ في هؤلاءِ الأَصنافِ الثَّمانيةِ فتُثبِتُهم وتَنفي مَنْ عَداهم.

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : قَولُه: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ﴾ للحَصرِ، وإنَّما تُثبِتُ المَذكورَ وتَنفي ما عَداه، والمَعنى: ليسَت الصَّدَقةُ لغيرِ هؤلاء، بل لِهؤلاء، فالمُثبَتُ من جِنسِ المَنفيِّ، ومَعلومٌ أنَّه لم يَقصِدْ تَبيينَ المِلكِ بل قصَدَ تَبيينَ الحِلِّ، أي: لا تَحلُّ الصَّدقةُ لغيرِ هؤلاء، فيَكونُ المَعنى: بل تَحلُّ لَهم … إلخ (١).

الثالِثُ: قَولُهم: إنَّ اللَّامَ في قَولِه تَعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ﴾ لَامُ التَّمليكِ، ثم عطَف عليها بواوِ العَطفِ «التَّشريكِ» فدَلَّ ذلك على وُجوبِ الاستِيعابِ، فغيرُ مُسلَّمٍ لهم به؛ لأنَّ اللَّامَ هنا ليسَت للتَّمليكِ، وإنَّما للاختِصاصِ والاستِحقاقِ، وهو أنَّهم المُستحِقُّونَ لها والمُختصُّونَ بها دونَ غيرِهم.

وقالَ الزَّبيديُّ الحَنفيُّ : قالَ اللهُ تَعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ [التوبة: ٦٠] اللَّامُ في هذا البابِ لبَيانِ جِهةِ المُستحِقِّ لا للتَّشريكِ والقِسمةِ، بل كلُّ صِنفٍ مما ذكَرَه اللهُ يَجوزُ للإِنسانِ دَفعُ صَدقتِه كلِّها إليه دونَ بَقيَّةِ الأَصنافِ ويَجوزُ إلى واحِدٍ من الصِّنفِ؛ لأنَّ كلَّ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>