للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ الصَّباغِ وغيرُه من أَصحابِنا: الأصلُ فيه الكَيلُ، وإنَّما قدَّره العُلماءُ بالوَزنِ استِظهارًا.

وقالَ النَّوويُّ: قد يَستشكِلُ ضَبطُ الصاعِ بالأَرطالِ، فإنَّ الصاعَ المُخرَجَ به في زَمنِ النَّبيِّ مِكيالٌ مَعروفٌ، ويَختلِفُ قَدرُه وَزنًا باختِلافِ جِنسِ ما يُخرَجُ، كالذُّرةِ والحِمَّصِ وغيرِهما، والصَّوابُ ما قالَه أبو الفَرجِ الدَّارِميُّ من أَصحابِنا من أنَّ الاعتِمادَ في ذلك على الكَيلِ دونَ الوَزنِ وأنَّ الواجِبَ أنْ تُخرَجَ بصاعٍ مُعايَرٍ بالصاعِ الذي كانَ يُخرَجُ به في عَصرِ رَسولِ اللهِ ، وذلك الصاعُ مَوجودٌ، ومَن لم يَجدْه وجَبَ عليه إِخراجُ قَدرٍ يَتيقَّنُ أنَّه لا يَنقصُ عنه، وعلى هذا فالتَّقديرُ بخَمسةِ أَرطالٍ وثُلثٍ تَقريبًا، وقالَ جَماعةٌ من العُلماءِ: الصاعُ أربَعُ حَفناتٍ بكفَّيْ رَجلٍ مُعتدِلِ الكفَّينِ. انتهى كَلامُ النَّوويِّ (١).

قالَ الحافِظُ العِراقيُّ: وذكَرَ بعضُهم أنَّه قد حانَ بكَيلِ القاهِرةِ وقالَ ابنُ الرِّفعةِ في تَصنيفٍ له سَمَّاه الإِيضاحَ والتِّبيانَ في مَعرفةِ المِكيالِ والمِيزانِ: أحضَرَ إليَّ مَنْ يُوثَقُ به من الفُقهاءِ الوَرِعينَ مُدًّا من خَشبٍ مَخروطٍ لم يَتشقَّقْ ولم يَسقُطْ منه شَيءٌ وأخبَرني أنَّه عايَره على مُدِّ الشَّيخِ مُحِبِّ الدِّينِ الطَّبَريِّ شَيخِ الحَرمِ الشَّريفِ بمَكةَ وأنَّ الشَّيخَ مُحبَّ الدِّينِ المَذكورَ ذكَرَ أنَّه عايَرَه على مُدٍّ صَحَّ عندَه بالسَّندِ أنَّه مُعايَرٌ على ما عُويِرَ على مُدِّ رَسولِ اللهِ فامتَحنتُه بما قالَ بعضُ أَصحابِنا وغيرُهم أنَّه يَقعُ


(١) «روضة الطالبين» (٢/ ٣٠١، ٣٠٢)، و «المجموع» (٦/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>