به المِعيارُ، وهو الماشُ والعدَسُ فوجَدت كَيلَه بها يَزيدُ على المِئتَينِ زِيادةً كَثيرةً فاستَحضَرتُ أنَّ الغالِبَ على الظَّنِّ أنَّ المِعيارَ إنَّما وقَعَ بالشَّعيرِ؛ لأنَّه الغالِبُ من أَقواتِ أهلِ المَدينةِ في الصَّدرِ الأولِ، كما دلَّت على ذلك الأَخبارُ فاعتُبِرت بالشَّعيرِ الصَّعيديِّ المُغربَلِ المُنقَّى من الطِّينِ، وإنْ كانَ فيه حبَّاتٌ من القَمحِ يَسيرةٌ فصَحَّ الوَزنُ المَذكورُ بكَيلِ المُدِّ المَذكورِ ثم وَزَن فجاء زِنتُه مِئةً وثَلاثةً وسَبعينَ دِرهمًا وثُلثَ دِرهمٍ بالمِصريِّ. ثم وزَنَ من الشَّعيرِ المِقدارَ المَذكورَ ووضَعَ في المُدِّ المَذكورِ فكانَ بقَدرِه من غيرِ زيادةٍ عليه، ومنه يظهرُ صِحةُ أنَّ الرِّطلَ البَغداديَّ مِئةٌ وثَلاثونَ دِرهمًا، وبه يظهَرُ أيضًا صِحةُ صَنجِ الدَّراهمِ المَوجودةِ حينَئذٍ بمِصرَ. انتَهى.
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀ في «المُغني»: الأصلُ فيه الكَيلُ، وإنَّما قدَّرَه العُلماءُ بالوَزنِ لِيُحفَظَ ويُنقَلَ، وقد رَوى جَماعةٌ عن أحمدَ أنَّه قالَ: الصاعُ وَجدتُه خَمسةَ أَرطالٍ وثُلثًا حِنطةً، وقالَ حَنبلٌ: قالَ أحمدُ: أخَذتُ الصاعَ من ابنِ أبي النَّضرِ وقالَ أبو النَّضرِ أخَذتُه من ابنِ أبي ذِئبٍ، وقالَ: هذا صاعُ النَّبيِّ ﷺ الذي يُعرَفُ بالمَدينةِ، قالَ أحمدُ: فأخَذنا العدَسَ فعيَّرَنا به وهو أصلَحُ ما وقَفْنا عليه يُكالُ به؛ لأنَّه يَتجافى عن مَواضِعِه فكِلنا به ثم وَزنَّاه فإذا هو خَمسةُ أَرطالٍ وثُلثٌ، وقالَ: هذا أصلَحُ ما وقَفْنا عليه، وما تَبيَّنَ لنا من صاعِ النَّبيِّ ﷺ، وإذا كانَ خَمسةَ أَرطالٍ وثُلثًا من البُرِّ (الحِنطةِ) والعدَسِ وهما من أثقَلِ الحُبوبِ فما عداهما من أَجناسِ الفِطرةِ أخَفُّ منهما، فإذا أخرَجَ منها خَمسةَ أَرطالٍ وثُلثًا فهي أكثَرُ من صاعٍ.