للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ طَاوُسٌ: قالَ مُعَاذٌ لأَهلِ اليَمنِ: «ائْتُونِي بعَرضٍ ثِيابٍ خَميصٍ -أَوْ لَبيسٍ- فِي الصَّدقةِ مَكانَ الشَّعيرِ والذُّرةِ أَهوَنُ عليكُم وخَيرٌ لأَصحابِ النَّبيِّ بالمَدينَةِ» (١).

ووَجهُ الاستِدلالِ من هذا الأثرِ أنَّ مُعاذًا كانَ يَنقُلُ الصَّدقةَ من اليَمنِ إلى المَدينةِ وهذا يَشمَلُ نَقلَ الزَّكاةِ؛ لأنَّه جاءَ فيه لَفظُ «الصَّدقَة» وهي تَشمَلُ زَكاةَ المالِ وزَكاةَ الفِطرِ، فدَلَّ ذلك على جَوازِ نَقلِ الزَّكاةِ.

وقالَ الإمامُ الحَدَّادُ الزَّبيديُّ : قَولُه: ويُكرهُ نَقلُ الزَّكاةِ من بَلدٍ إلى بَلدٍ، وإنَّما تُصرَفُ صَدقةُ كلِّ قَومٍ فيهم؛ لأنَّ فيه رِعايةَ حقِّ الجِوارِ، فمهما كانَت المُجاوَرةُ أقرَبَ كانَ رِعايتُها أوجَبَ، فإنْ نَقلَها إلى غيرِهم أجزَأَه وإنْ كانَ مَكروهًا؛ لأنَّ المَصرِفَ مُطلَقُ الفُقراءِ بالنَّصِّ (٢).

القَولُ الثاني: أنَّه لا يَجوزُ نَقلُ الزَّكاةِ من مَكانٍ إلى آخَرَ، وهو قَولُ المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ إلا أنَّه يُوجَدُ تَفصيلٌ عندَهم.

فقالَ المالِكيةُ: يَجبُ تَفرِقةُ الزَّكاةِ بمَوضِعِ الوُجوبِ أو قُربِه وهو ما دونَ مَسافةِ القَصرِ؛ لأنَّه في حُكمِ مَوضعِ الوُجوبِ.

فإنْ لم يَكنْ بمَحلِّ الوُجوبِ أو بقُربِه مُستحِقٌّ فإنَّها تُنقَلُ كلُّها وُجوبًا


(١) رواه البخاريُّ مَعلَّقًا بصيغةِ الجزْمِ (٣٢) بابُ العرضِ في الزَّكاةِ. وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ في «تَغليقِ التَّعليقِ» (٣/ ١٢): وهو إلى طَاوسٍ إسنادُه صحيحٌ لكنَّه لم يَسمعْ من مُعاذٍ فهو مُنقطعٌ.
(٢) «الجوهرة النيرة» (٢/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>