للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الثاني: زَكاةُ الفِطرِ عن الأَولادِ الكِبارِ الذين لا مالَ لهم واجِبةٌ على أَبيهم إذا لزِمَته نَفقتُهم، وهو مَذهبُ الحَنابِلةِ؛ لحَديثِ ابنِ عُمرَ قالَ: «أمَرَ رَسولُ الله بصَدقةِ الفِطرِ عَنْ الصَّغِيرِ والكَبيرِ والحُرِّ والعبدِ ممَّن تَمُونونَ» (١).

ووَجهُ الاستِدلالِ من هذا الحَديثِ أنَّ زَكاةَ الفِطرِ واجِبةٌ على مَنْ وجَبَت عليه نَفقةُ غيرِه أنْ يُؤدِّي عنه، والأَولادُ الكِبارُ الذين لا مالَ لهم إذا كانوا في نَفقةِ أَبيهم فعِندَئذٍ تَجبُ زَكاةُ الفِطرِ على أَبيهم.

ولأنَّ زَكاةَ الفِطرِ تابِعةٌ للنَّفقةِ؛ لأنَّ مَنْ لزِمَه فِطرةُ نَفسِه لزِمَه فِطرةُ مَنْ تَلزمُه مُؤنَتُه إنْ قدِرَ، ونَفقةُ الوَلدِ الكَبيرِ الفَقيرِ واجِبةٌ على أَبيه إذًا، فزَكاةُ الفِطرِ واجِبةٌ عليه (٢).

القَولُ الثالِثُ: أنَّ زَكاةَ الفِطرِ عن الأَولادِ الكِبارِ الذين لا مالَ لهم غيرُ واجِبةٍ على أَبيهم مُطلَقًا، سَواءٌ كانوا قادِرينَ على الكَسبِ أو غيرَ قادِرينَ، وهو مَذهبُ الحَنفيةِ (٣).

قالَ الإمامُ الكاسانيُّ : وأمَّا الكِبارُ العُقلاءُ فلا يُخرَجُ عنهم عندَنا، وإنْ كانوا في عيالِه بأنْ كانوا فُقَراءَ زَمنَى (٤).


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: تَقدَّم.
(٢) «الإفصاح» (١/ ٣٤٩)، و «الفروع» (٢/ ٣٩٧).
(٣) «المبسوط» (٣/ ١٠٥)، و «الهداية شرح البداية» (١/ ١١٦)، و «العناية شرح الهداية» (٣/ ٢٣١)، و «الجوهرة النيرة» (٢/ ٥).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>