للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدَلَّ أَصحابُ هذا القَولِ لمَذهبِهم، وهو أنَّ زَكاةَ الفِطرِ عن الأَولادِ الكِبارِ الذين لا مالَ لهم واجِبةٌ على أَبيهم إنْ كانوا غيرَ قادِرينَ على الكَسبِ، كأنْ يَكونوا زَمنَى أو مَجانينَ، وأنَّها غيرُ واجِبةٍ على أَبيهم إنْ كانوا قادِرينَ على الكَسبِ، بالسُّنةِ والمَعقولِ:

أمَّا السُّنةُ: فحَديثُ ابنِ عُمرَ قالَ: «أمَرَ رَسولُ اللهِ بصَدقةِ الفِطرِ عَنْ الصَّغِيرِ والكَبيرِ والحُرِّ والعبدِ ممَّن تَمُونونَ» (١).

وَجهُ الاستِدلالِ من هذا الحَديثِ أنَّ مَنْ تَلزمُه مُؤنةُ غيرِه تَلزمُه زَكاةُ الفِطرِ عنه، وأنَّ الأَولادَ الكِبارَ إذا كانوا غيرَ قادِرينَ على الكَسبِ كأنْ يَكونوا زَمنَى أو مَجانينَ تَلزمُ أَباهم مُؤنَتُهم، وما دامَ يَلزمُه مُؤنَتُهم يَجبُ عليه زَكاةُ الفِطرِ عنهم إذًا.

وكما أنَّ الأبَ يَلزمُه مُؤنةُ أَولادِه الصِّغارِ وفِطرَتُهم؛ لأنَّهم غيرُ قادِرينَ على الكَسبِ فكذلك يَلزمُه فِطرةُ أَولادِه الكِبارِ إنْ كانوا غيرَ قادِرينَ على الكَسبِ.

وأمَّا المَعقولُ: فهو أنَّ زَكاةَ الفِطرِ تَجبُ تَبعًا للنَّفقةِ، فمَن وجَبَت عليه نَفقتُه وجَبَت عليه فِطرتُه، ونَفقةُ الأَولادِ الكِبارِ الذين لا مالَ لهم وهُم قادِرونَ على الكَسبِ لا تَجبُ على أَبيهم، فكذلك زَكاةُ الفِطرِ لا تَجبُ على أَبيهم، وأمَّا إنْ كانوا غيرَ قادِرينَ على الكَسبِ فتَجبُ على أَبيهم نَفقتُهم فكذلك تَجبُ عليه زَكاةُ الفِطرِ عنهم.


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>