للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الثاني: سُنةٌ مُؤكَّدةٌ وليسَت واجِبةً، وهو قَولُ بعضِ المُتأخِّرينَ من أَصحابِ مالِكٍ وداودَ وحَكاه ابنُ العَربيِّ المالِكيُّ رِوايةً عن مالِكٍ، وقالَ: إنَّها مُحتمَلةٌ (١)، وهوقَولُ إِسماعيلَ بنِ عُليَّةَ وأبي بَكرِ بنِ كَيسانَ الأصَمِّ وابنِ اللَّبانِ من الشافِعيةِ (٢).

وقد استدَلَّ أَصحابُ القَولِ بأنَّ زَكاةَ الفِطرِ سُنةٌ مُؤكَّدةٌ وليسَت واجِبةً، بتأويلِ مَعنى «فرَض» في الحَديثِ بمَعنى «قَدَّر»، كقَولِهم: «فرَض القاضِي نَفَقةَ اليَتيمِ»، أي: قَدَّرها وعَرَّف مِقدارَها.

قالَ ابنُ دَقيقِ العيدِ : «أصلُ مَعنى الفَرضِ في اللُّغةِ التَّقديرُ، ولكنْ نُقِلَ في عُرفِ الشارِعِ إلى الوُجوبِ، فالحَملُ عليه أَوْلى» (٣)، يَعني: من الحَملِ على مَعناه الأصليِّ (٤).

وقالَ الكَرمانيُّ : المَفهومُ مِنْ لَفظِ «فرَضَ» حَسبَ عُرفِ الشَّرعِ الوُجوبُ ولا يَجوزُ للراوِي أنْ يُعبِّرَ بالفَرضِ عن المَندوبِ مع عِلمِه بالفَرقِ بينَهما (٥).


(١) «طرح التثريب في شرح التقريب» (٤/ ٤٦).
(٢) «المجموع شرح المهذب» (٦/ ٨٥)، و «الاستذكار» (٣/ ٢٦٥، ٢٦٦)، و «التمهيد» (١٤/ ٣٢١، ٣٢٣)، و «مواهب الجليل لشرح مختصر خليل» (٢/ ٣٦٥)، و «المغني» (٤/ ٣٠).
(٣) «فتح الباري» (٣/ ٣٦٨)، و «عمدة القاري شرح صحيح البخاري» (٩/ ١٠٩).
(٤) «عمدة القاري» (٩/ ١٠٩).
(٥) «عمدة القاري» (٩/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>