للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ الهُمامِ : وحَملُ اللَّفظِ على الحَقيقةِ الشَّرعيَّةِ في كَلامِ الشارِعِ مُتعيَّنٌ ما لم يَقمْ صارِفٌ عنه، والحَقيقةُ الشَّرعيَّةُ في الفَرضِ غيرُ مُجرَّدِ التَّقديرِ (١).

ومِن هنا أنكَرَ الإمامُ النَّوويُّ قَولَ ابنِ اللَّبانِ من الشافِعيةِ بعدَ أنْ حَكاه فقالَ: قلتُ: قَولُ ابنِ اللَّبانِ شاذٌّ مُنكَرٌ بل غَلطٌ صَريحٌ واللهُ أعلمُ (٢).

وقالَ زَينُ الدِّينِ العِراقيُّ : وممَّن ذهَبَ الى أنَّها غيرُ واجِبةٍ ابنُ اللَّبانِ من أَصحابِنا، وقالَ النَّوويُّ: إنَّه شاذٌّ مُنكَرٌ، بل غَلطٌ صَريحٌ.

وقالَ القاضِي أبو بَكرِ بنُ العَربيِّ عن مالِكٍ في وُجوبِها رِوايَتان: إحداهُما مُحتمَلةٌ، والأُخرى قالَ: زَكاةُ الفِطرِ فَرضٌ، وبذلك قالَ فُقهاءُ الأَمصارِ، قالَ: وتأوَّلَ قَومٌ قَولَه : «فرَضَ» بمَعنى «قدَّرَ» وهو بمَعنى الوُجوبِ أظهَرُ؛ لأنَّه قالَ: «زَكاةَ الفِطرِ» فدخَلَت تحتَ قَولِه : ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣]، فإنْ كانَ قَوله: «فرَضَ» أوجَبَ، فبِها ونِعمَت، وإنْ كانَ بمَعنى قدَّرَ يَكونُ المَعنى قدَّرَ الزَّكاةَ المَفروضةَ بالقُرآنِ بالفِطرِ كما قدَّرَ زَكاةَ المالِ (٣).


(١) «شرح فتح القدير» (٢/ ٢٨٢).
(٢) «روضة الطالبين» (٢/ ٢٩١).
(٣) «طرح التثريب» (٤/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>