للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمَساكينِ، مَنْ أَدَّاها قبلَ الصَّلَاةِ فهي زَكاةٌ مَقبولَةٌ، ومَن أَدَّاها بعدَ الصَّلاةِ، فهي صَدقةٌ مِنْ الصَّدقاتِ» (١).

ووَجهُ الاستِدلالِ من هذَينِ الحَديثَينِ كما هوقَولُ جُمهورِ العُلماءِ من السَّلفِ والخَلفِ من أنَّ مَعنى (فرَض) هنا ألزَمُ وأوجَبُ فزَكاةُ الفِطرِ فَرضٌ واجِبٌ لدُخولِها في عُمومِ قَولِه تَعالى: ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ وقد سمَّاها رَسولُ اللهِ زَكاةً فهي داخِلةٌ في أمرِ اللهِ تعالَى بها، ولقَولِه في الحَديثِ: «فرَضَ»، وهوغالِبٌ في استِعمالِ الشَّرعِ في هذا المَعنى.

وممَّا يُؤكِّدُ أنَّ «فرَض» بمَعنى «ألزَمُ وأوجَبُ» اقتِرانُها بحَرفِ «على» الذي يفيد الوُجوبَ أيضًا؛ إذْ قالَ في الحَديثِ: «على العبدِ والحرِّ»، كما أنَّ الرِّواياتِ الصَّحيحةَ فيها الأمرُ بأداءِ زَكاةِ الفِطرِ (٢).

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : قَولُه «فرَضَ» عندَ أهلِ العِلمِ أوجَبُ، وقد فهِمَ المُسلِمونَ من قَولِه ﷿: ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١] ونحوِ ذلك أنَّه شَيءٌ أوجَبه اللهُ وقدَّرَه وقَضى به، وقالَ الجَميعُ للشَّيءِ الذي أوجَبَه اللهُ : هذا فَرضٌ، وما أوجَبه رَسولُ اللهِ فعَنِ اللهِ أوجَبه، وقد فرَضَ اللهُ طاعتَه وحذَّرَ من مُخالَفتِه ففَرضُ اللهِ وفَرضُ


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه ابو داود في «سننه» (١٦٠٩)، وابن ماجه (١٨٢٧)، والحاكم في «المستدرك» (١٤٨٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٧٤٨١).
(٢) انظر: «شرح النووي على صحيح مسلم» (٧/ ٥٨)، و «تحفة الأحوذي» (٣/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>