أمَّا الضَّريبةُ فإنَّها تَختلِفُ عن هذا كلَّ الاختِلافِ، وربَّما كانَ أكثَرُ الضَّرائبِ في عَصرِنا لا يُقرُّها الإِسلامُ. نَقلًا من مَوسوعةِ القَضايا الفِقهيَّةِ المُعاصِرةِ والاقتِصادِ الإِسلاميِّ للدُّكتورِ علي السالوس حفظه اللهُ (٦٤٩). وسُئلَ الشَّيخُ شلتوت، شَيخُ الأزهَرِ الأسبَقُ، عن احتِسابِ الضَّرائبِ من الزَّكاةِ. فأجادَ في إجابَتِه وبيَّنَ حَقيقةَ الزَّكاةِ بَيانًا شافيًا، وأنَّها ليسَت ضَريبةً، وإنَّما هي قبلَ كلِّ شَيءٍ عِبادةٌ ماليَّةٌ. صَحيحٌ أنَّها تَتَّفقُ بعضَ الاتِّفاقِ هي والضَّريبةُ الوَضعيَّةُ، ولكنَّها تُخالِفُها من وُجوهٍ كَثيرةٍ: تُخالِفُها في مَصدرِ التَّشريعِ، وفي أَساسِ الإِيجابِ، وفي الأَهدافِ والأَغراضِ، وفي النِّسبِ والمَقاديرِ، وفي المَصارفِ والنَّفقاتِ. ثم قالَ: «وإذا كانتِ الزَّكاةُ من وَضعِ اللهِ ﷾ وكانَت فَرضًا إِيمانيًّا، بحيثُ يَجبُ إِخراجُها، وُجدَت حاجةٌ إليها أو لم تُوجَدْ، وتَكونُ في تلك الحالةِ بمَثابةِ مَورِدٍ دائِمٍ لِلفُقراءِ والمَساكينِ، الذين لا تَخلو منهم أُمةٌ أو شَعبٌ. وكانَت الضَّرائِبُ من وَضعِ الحاكِمِ عندَ الحاجةِ، كانَ من البيِّنِ أنَّ إحداهُما لا تُغني عن الأُخرى؛ فهما حقَّانِ مُختلِفانِ في مَصدرِ التَّشريعِ، وفي الغايةِ، وفي المِقدارِ، وفي الاستِقرارِ والدَّوامِ. وعليه، يَجبُ إِخراجُ الضَّرائبِ، وتَكونُ بمَثابةِ دَينٍ شُغلَ به المالُ، فإنْ بلَغَ الباقي نِصابَ الزَّكاةِ، وتَحقَّقَ فيه شَرطُها، وهو الفَراغُ من الحاجاتِ الأصليَّةِ، ومرَّ عليه الحَوْلُ، وجَبَ دَينيًا إِخراجُ الزَّكاةِ. وإنْ كانَ الناسُ يُحِسُّون بشَيءٍ من الإرهاقِ في بَعضِ ما يُفرَضُ عليهم من ضَرائبَ، فإنَّ تَبِعةَ ذلك لا تَرجِعُ إلى الفَقيرِ بحِرمانِه من حَقِّه الذي أوجَبَه اللهُ ﷾ له، وإنَّما سَبيلُه مُطالَبةُ الحُكومةِ بالاقتِصادِ في مَصارِفِها، ومُحاسَبتُها على ما تَجمَعُ وتُنفِقُ. =